العوادية في أعراس الصفاقسية في الستينات
العوادية هي سهرية الرجال وتكون ليلة العرس. يتم إعداد الفضاء بالمادري ويغطى بالبيشان في مساحة من الأرض التابعة للجنان ويتم كراء الكراسي ونوعيتها من الخشب القابل للطي فتصفف بنظام وتنصب المنصة لتتربع عليها الفرقة الموسيقية…
طبعا منذ الصباح الحركة كبيرة لإعداد العشاء وغالبا ما يتم ذبح ثور يتم تعشعيشه منذ شهور لهذا الحدث الكبير… ينطلق العشاء بعد نصب الحمارات قبل المغرب خارج البرج وكل جنس على حدة وغالبا ما يتم البدء بالرجال ليتفرغوا للعوادية… ويبدأ الحفل بعد أن تنتصب الفرقة الوترية بقطعة موسيقية صامتة ثم يليه الغناء الفردي من قبل عناصر الفرقة أو مطربين محترفين … ويمتلئ الفضاء شيئا فشيئا بالمدعوين من الرجال أما النساء فيصعدن إلى سطح المنزل ليتابعن الحفل ملتحفات “بالسفاسر” والويل الويل لمن يلتفت إليهن …
الفرارجية يقدمون من كل حدب وصوب يشمون العواديات شما فلا تفوتهم واحدة ولو كانت في الأقاصي وقد لعبت بعقول البعض منهم بنت الشعير أو بنت العنب ولا احد يقدر على منعهم من الدخول والحضور…ومع مرور الوقت يسخن الجو ويتوتر أكثر عندما تؤثثه راقصة… وهنا عاد حدث ولا حرج “المهبول زيد يهبل والعاقل يولي مجنون ” وأية راقصة هي, إن هو إلا عرض للمفتان… ومع مرور الوقت يحمى الوطيس ولا ترى إلا الكراسي تقذف من كل جانب وفي كل الاتجاهات ويختلط الحابل بالنابل والضرب والمضروب والعياط والزياط والسب والشتم والرفس والتعفيص مخ الهدرة : حرب بين الحاضرين لأتفه الأسباب… ومسكين صاحب الحفلة يتفرج ويده على قلبه لو يسقط لا قدر الله ضحايا من بينهم “لا هو من عرسو ولاهو من فلوسو”. وصاحب الحظ في ذلك الوقت من يستطيع إيصال حفله إلى بر الأمان إلى حدود منتصف الليل, يعتبر حفله ناجحا لأنه مدعوم ومحروس من قبل بعض أصحاب الأذرع المفتولة من الأهل والأصحاب لحماية حفله… وإذا لا يعود الهدوء ولا يستتب الأمن يتوقف الحفل على نشيد سيد الأسياد يا بورقيبة الغالي … ويغادر الجميع الحفل وتجمع الكراسي ويهيأ الفضاء للعرس الرسمي والخاص بالنساء … وإن شاء الله فرحة الجميع.
محمد العش