ليلة الحنة
عندما يقدم الليل وتنار المصابيح يدعى سائر الحاضرين لأكل مرقة سمك بخبز الشعير. وبعد الانتهاء من العشاء تجلس العروس مادة رجليها بين الحاضرات الهازجات المزغردات فتعمد الماشطة إلى طاجينها الفخاري الصغير الذي غليت فيه مواد غريبة حتى تحولت إلى خليط أسود كالفحم يسمى الحرقوس شذي كالمسك.
تغمس الماشطة إبرتها الطويلة وتحيط الأصابع وظهر الكف وباطنه بنقوش وخطوط متعرجة جميلة وتفعل بالقدمين ما فعلته باليدين وهي تتغنى وتشيد بأوصاف العروس والزغاريد تعلو وتتضاعف والبخور يغطي جو المكان فتزيد الحفل روعة وسحرا.
بعد الفراغ من النقش تشرع الماشطة في كساء الأصابع واليدين ظهرا وبطنا بخليط الحناء الأخضر الزكي وكذلك القدمين ثم تلف الكفين والقدمين بمناديل وردية مطرزة رائعة أعدت للغرض.
أثناء عمليتي النقش والتحنية تقوم المحتفلات بإلقاء النقود الفضية ( التوريش ) بين قدمي العروس فتلتقطها الماشطة لتأخذ نسبة مائوية منها والباقي يعاد إلى صاحباتها متفننة في الإشادة بالعروس وخصالها ولا ينفض الحفل إلا بعد أن تستجيب الماشطة لرغبة العديدات لتحن لهن وتنقش أيديهن وأقدامهن.
تقضي العروس ليلتها وكأنها مقيدة ممنوعة من النهوض والتنقل وفي الصباح تزيل الماشطة الحناء والنقش فإذا الكفان محاطة بتلك النقوش والخطوط المتعرجة.
تعيد الماشطة النقش والتحنية فأضحى الكفان والقدمان جميعا حمراء داكنة بل بالغة الدكونة ميالة إلى الإسوداد وازدادت الخطوط والنقوش حولها بياضا وروعة وسحرا وفي هذه الليلة تكون ليلة استراحة ولا يبقى في المنزل سوى القليل من المدعوين الأقربين.