إزالة السياب مع جبر الضرر
في بداية الستينات بشر الزعيم الأكبر… المفدى… والزعيم المنقذ… الذي لا قبله وبعده… ألخ ألخ… أهالي صفاقس الطيبين بمشروع السياب… زف لنا هذه البشرى السيد عبد المجيد شاكر ابن صفاقس البار وشقيق المناضل الكبير الهادي شاكر الذي لا نكاد نسمع عنه شيئا عن تاريخه ومناقبه وفي الحال أنه مناضل صلب أغتيل بدم بارد من قبل عصابات المستعمر الغاصب المستبد…
عمت الفرحة الجميع دون آخذين بالحسبان مساويها ومضارها على الإنسان وتبعاتها وعلى المحيط والهواء …وهي في الحقيقة هدية مسمومة …ومن أين لهم أن يعرفوا ذلك ؟كما لا يخفى على جيل الاستقلال أن الرئيس المفدى زف إلى الشعب المسكين الفقير وعده بحصول كل تونسي على 500 مي شهريا من إنتاج الفسفاط …ولكنه وعد سراب…
وتنطلي علينا الوعود كعادتنا وتنطلق السياب في الإنتاج ومع انطلاقها ومرور الشهور يكتشف الصفاقسية روائح كريهة تنبعث منها بما تنفثه من غبار وسموم في الهواء وفوسفوجيبس لوث التربة والماء … وتبدأ مآسينا وآلامنا معها بما تفعله فينا منذ أربعة عقود كاملة بأيامها وليليها :تلوث الهواء والمياه دون توقف وبدون رحمة ولا شفقة وتقوم بدورها من هتك لصحتنا وإقلاق لراحتنا والذي زاد الطين بلة بعث شركة ن ب ك على شواطئ المدينة فقضت عليها وحرمتنا من متعة السباحة والترفيه فأصبح نستجديها من مدن الساحل وهذا بيت القصيد…
سقطت صفاقس سقطة واحدة تحت وطأة التلوث… وخبا سحرها… وانطفأ بريقها… وفعل التلوث في أبدان أهلها فعلته المميتة فنخرها بأمراض وأوبئة مستعصية دون ردة فعل أو هبة جماهيرية جارفة قوية صارمة من قبل سكانها تفرض على الحكومة غلقها وإزاحتها عن المشهد نهائيا…وفي الأخير جاء القرار بالرفع والقلع والإزاحة في عهد المخلوع ولكن لم ينفذ… ولن ينفذ ما دمنا في هذا التهاون والتقاعس من قبلنا ومن قبل ممثلينا في مختلف مجالس النواب المتعاقبة منذ الاستقلال إلى اليوم… اليوم ندعو ونطالب بإلحاح وإصرار بإزالة السياب دون أسف وهو مطلب أولي بمناسبة زيارة رئيس الحكومة إلى صفاقس يوم 2 جوان 2015 …إلى جانب تكوين لجنة حقوقية لجبر الضرر للمتضررين وهم السواد الأعظم من سكان طرقات سكرة والمحارزة وقابس وخاصة المجاورين لها من سكان معتمدية طينة. ومن الأكيد أننا فرطنا فرصة تحقيق ذلك في أيام الثورة الأولى يوم أن تحقق لكثير من الولايات ما كان يحتاجها ويرد عنها مآسي سنوات الجمر …
محمد العش