الربض القبلي
قد يظن البعض أن تاريخ حي باب البحر متعلق بالوجود الفرنسي وأن الاستعمار هو الذي قام بردم البحر الملاصق للسور وبناء حي عصري إلا أن تاريخ حي باب البحر أقدم من ذلك بكثير.
ففي القرن 18 م وبعد أن شهدت صفاقس طفرة اقتصادية وسكانية مقارنة ببقية مناطق البلاد امتلأت المدينة العتيقة وضاقت بسكانها إلى جانب قدوم العديد من النازحين الذين سكنوا خارج السور وبنوا أحياء على شكل أرباض من جهة باب الجبلي عرفت بأرباض القوابسية والعوايد. كل هذه العوامل جعلت حتمية الاستقرار خارج المدينة العتيقة حلا لا مفر منه فأذن الباي الحسيني آنذاك علي باي سنة 1775 م للصفاقسيين بالبناء خارج السور من الناحية القبلية المقابلة لباب الديوان خاصة وأن البحر لم يعد ملاصقا للسور من هذه الناحية فامتلك الناس الأراضي وبنوا مساكنهم كما بن التاجر حمودة السلامي جامع السلامي التي انتهت أشغاله سنة 1784م وتم كذلك بناء فندق للمسافرين.
و كارثة الطاعون التي أصابت صفاقس سنة 1784م أجبرت السكان داخل سور المدينة على الخروج ليستقروا إما في الأرباض المحيطة بالمدينة أو في أبراج غابة صفاقس. فشهد الربض القبلي ازدهارا و امتلأ بالسكان المحليين وصار يمتد من برج النار شرقا إلى برج الرصاص غربا وأحيط به سور من نوع الطابية سنة 1830 له 3 أبواب وهي الباب القبلي والشرقي والغربي ظلت قائمة إلى الفترة الاستعمارية. وبعد قدوم الأجانب واستقرارهم بالربض القبلي إلى جانب اليهود صار يسمى بالحي الأوروبي أو الحي الإفرنجي. تواصل ازدهار الحي في الفترة الاستعمارية و بنيت فيه عديد الروائع المعمارية إلا أن قصف الحرب العالمية الثانية قضت على أجزاء كبيرة من الحي الافرنجي الذي شمل إعادة تهيئة بقيت إلى الآن و صار يسمى بحي باب البحر.
د.وليد العش. موقع تاريخ صفاقس