أحمد حمزة: سفير الأغنية التونسيّة الأصيلة
عبد الرحمان بن أحمد حمزة هو الاسم الأصلي للفنان أحمد حمزة وهو من مواليد 1932 بمدينة صفاقس وتوفي سنة 2011 بتونس عن عمر يناهز 79 عاما.
اشتهر أحمد حمزة بأداء الأغاني ذات الطابع الشعبي التي لقيت استحسان الجماهير الذي لا يزال يرددها إلى اليوم مثل «شهلولة» و«صيادة» و «مقواني» و «من جار عليّ قتلني» و «هي هي مولات الخلة الخمرية» وغيرها كثير من الأغاني المشهورة لكن تبقى أشهرها على الاطلاق أغنية «جاري يا حمودة» التي تجاوزت شهرتها حدود الوطن لتجوب العالم شرقا وغربا ويتغنى بها أكثر من فنان عربي وأجنبي.
درس في المدرسة الفرنسية التونسية بصفاقس وهو ينحدر من عائلة فنية فوالده كان من الحافظين للمالوف كما كان عازفا ماهرا على آلة البيانو التقليدية فضلا عن اتقانه العزف على آلة العود وآلة المندولين…
غادر أحمد حمزة مقاعد الدراسة ليساعد والده على إدارة شؤون الأسرة لكن دون لن ينسى الفن. ثم شدّ الرّحال نحو العاصمة في الخمسينات.
فقد بدأ أحمد حمزة رحلته الفنية مبكرا حيث كان يغني في حفلات الزفاف والختان بعض الأغاني الشرقية لفريق الأطرش ومحمد فوزي وحرصا منه على دخول المجال الفني من أبوابه الواسعة التحق بمدرسة الموسيقى العصرية لتعلم الموسيقى على أسس علمية. تتلمذ لكل من الهادي الشنوفي ووناس كريّم ومحمّد النابلي ومحمّد علولو ومحمّد بودية وعمل عازفا في الفرق الوتريّة الصّفاقسيّة، الأمر الّذي يسّر نجاحه في الاختبار الصّوتي الذي مكّنه من الانضمام إلى المجموعة الصّوتيّة لفرقة المحطّة الإذاعيّة التي انبعثت سنة 1957.
عام 1958 سافر إلى مصر والتقى الفنان محمد عبد الوهاب وسجل مجموعة من الأغاني لإذاعة الشرق الأوسط وإذاعة صوت العرب. وعاد في سنة 1961 إلى مسقط رأسه ليرأس أوّل مصلحة للموسيقى بأوّل محطّة إذاعيّة جهويّة تبعث بصفاقس في عهد أوّل مدير لها عبد العزيز عشيش. فتولى أحمد حمزة تسجيل البحور الطرقيّة مثل العامريّة والسّلاميّة التي كان يحفظها محمّد بوديّة أداء وعزفا على الكرنيطة، كما ألف فرقة موسيقيّة بالإذاعة بقيادة محمّد علولو إلى جانب ألحانه التي أهداها إلى عناصر المجموعة الصّوتيّة.
انضم إلى فرقة الموسيقى التابعة للإذاعة التونسية وغنى مع كبار الفنانين على غرار علي الرياحي وشافية رشدي ومحمد أحمد ومصطفى الشرفي والهادي المقراني والهادي قلال ونعمة وعلية وصفية شامية وفتحية خيري.
وفي سنة 1963 نزل أحمد حمزة ضيفا على التلفزة المصريّة التي كانت في بداية إرسالها التجريبي وسجّل عدّة أغان تونسيّة مثل (شهلولة وخنّابة وهي هي مولاة الخلة الخمريّة…) وقد حرص أحمد حمزة على استقدام فرقة موسيقيّة من عازفين تونسيّين بقيادة عبد الحميد بن علجيّة وكان الجميع قد ارتدوا اللباس التقليدي التونسي أي الجبّة والشاشيّة التونسيّة.
ساهم في بعث فرقة الأندلس مع رفيق دربه عبد الحميد بن علجيّة سنة 1967 لاحياء الحفلات العامّة والخاصّة.
لأحمد حمزة تجربة سينمائية وحيدة هي فيلم «الفجر» اخراج عمار الخليفي تم تصويره عام 1967.
زار مصر ثانية في سنة 1969 بمناسبة احتفالات القاهرة بذكرى ألفية انبعاثها على يدي الخليفة المعزّ لدين الله الفاطمي زار أحمد حمزة كذلك عدّة بلدان عربيّة مثل المغرب والجزائر التي كان زارها مع شافية رشدي في أوّل رحلته الفنيّة ثم إلى ليبيا والسّودان وسوريا حيث تزوّج ثانية وسجّل أغنيتين من ألحان سهيل عرفة.
غنّى أحمد حمزة مع المطرب عبد الحليم حافظ في قصر المؤتمرات بباريس سنة 1974.
يعد الفنان أحمد حمزة مجددا للأغنية الشعبية التونسية. فسعى إلى صقل مقوّماتها من حيث متنها الزجلي وصياغة قالبها النغمي والإيقاعي حتى يُبحر بها في يمّ الأصالة الحضاريّة التونسيّة. وقد بقي أحمد حمزة وفيّا لمنهجيّته الابداعيّة ملحّنا تونسيّا يعتمد على الطبوع التونسيّة ومطربا حريصا على أداء الحلية التونسيّة دون تقليد للمغاني المصريّة. حُقّ فيه لقب سفير الأغنية التونسيّة الأصيلة، على أنه كان أمينا مع نفسه وصادقا أمام التاريخ عندما أكّد أنه لم يلحّن تلك الأغنية الشهيرة وإنما سمعها من علي وردة (زكّار طبّالة قرقنة).
تُوفّي أحمد حمزة يوم 14 مارس سنة 2011 بتونس.
المصادر
- المنصف بن عمر
- الموسوعة التونسية المفتوحة