الشيخ بودية: من عمالقة الفن الموسيقي
محمد بودية أو الشيخ بودية هو واحد من أشهر الفنانين بصفاقس, ولد بودية في 16 ماي 1881 بزنقة العش بالمدينة العتيقة, تعلم عند صغره في كتاب سيدي علي الكراي و حفظ القران, أصبح يتيما بعد وفاة أمه و عمره 15 سنة فكفلته عمته. تعلم النجارة و عند إتقانه المهنة فتح دكانا بالعروسين.
في إحدى الصائفات تعرف الشيخ بودية في جنانه بطريق قرمدة على احد الأشخاص الذي كان يعزف على آلة الفحل فاشترى من عنده آلة و تعلم مبادئها إلى أن أتقنها فأصبح يحضر المجالس الموسيقية و يحفظ الأشغال.
كان بودية أيضا يتردد كثيرا على الزاوية العيساوية بصفاقس و يحضر حفلاتها بانتظام فنصحه أصحابه بتعلم الزكرة فتعلمها و أصبح كذلك يعزف بالقصبة.
أراد بعد ذلك تعلم الكلارينات بعد ا ن أهداه إياها المرحوم محمد عمار نائب جمعية الأوقاف إلا انه لم يستطع إتقانها. تعلم الشيخ بودية بعد ذلك العزف على آلة البيانو.
ذاع صيت الشيخ بودية وأصبح يعزف في حفلات العوامرية و الحفلات الخاصة مع فرق أخرى إلى أن أسس فرقته التي ترأسها كعازف على البيانو و معه محمود قوبعة كمنجاتي و سعيد الزواري عوادجي و أحمد العيدي بالدربوكة.
كانت فرقته الخاصة تحيي الحفلات بباب الديوان و سوق الترك (نهج الباي) و نهج برج النار و الزوايا العوامرية و العيساوية و في مجالس سيدي بالحسن الكراي.
عمل الشيخ بودية مع خميس ترنان, لحن عديد الأغاني و أحيى عديد الأشغال التي كانت مفقودة منها برشا تيمني و يا فريد العصر يا بدر التمام.
عند انتشار آلة الفونوقراف و ميول التونسيين إلى الأغاني الشرقية في الثلاثينات, حاول الشيخ بودية التأقلم مع الوضع فادخل الطابع الشرقي على فرقته من خلال إدخال العود الشرقي كما أن برنامج الحفلات أصبح يضم إضافة إلى المالوف برنامجا شرقيا.
عند تأسيس الإذاعة الجهوية بصفاقس, قام الشيخ بودية بتسجيل 13 نوبة من مالوف مجالس سيدي أبي الحسن الكراي كما سجل مجموعة من التراث الأندلسي مثل شمس المحيا أم القمر و الحب في الملاح و إن جاك الربيع و سجل أغاني يا رمانة و عشيري لول وكل نوبات الطرق الصوفية كما سن طريقة في إحياء الأغاني الشعبية بالكرنيطة.
توفي الشيخ بودية يوم 7 جوان 1974 وبذلك خسرت مدينة صفاقس واحدا من عمالقة الفن الموسيقي.
المصدر : السماع عند الصوفية و الحياة الموسيقية بصفاقس في القرنين التاسع عشر و العشرين لعلي الحشيشة
زاهر كمون / موقع تاريخ صفاقس