هل تنازل الصفاقسية عن مبادئ حياتهم الأصيلة؟
إن المتأمل في حياة الصفاقسية اليوم يلاحظ أنها لا تختلف عن حياة بقية الجهات في كل شؤونها بحيث أن تلك الخصوصيات التي كانت تميزهم عن غيرهم في طريقها إلى التلاشي بسبب تفتحهم وبسبب تطور العصر وانفتاحهم عن بقية الثقافات الداخلية منها والخارجية ويظهر في الآتي طبعا على سبيل الذكر لا الحصر:
* الاقتصاد وحسن التصرف: كان هذا المبدإ أساس الحياة عند الصفاقسية أو بالأحرى مفتاح نجاحهم وتخليهم عنه ربما يعود لاقتناعهم بعدم جدواه أو لاستحالة ” التكوين ” ولتطور أسلوب الحياة ومتطلباته فالكمالي أصبح ضروريا والفلوس لم تعد لها قيمة كما أصبحوا ميالين إلى التنعم بمتاع الحياة عكس السلف الذي يرى التكوين والمتمثل في شراء الأرض الفلاحية ( الزيتون والعود الرقيق ) والأجنة وشراء الذهب أساس الحياة وجوهره لضمان عيشة سعيدة حاضرا وعند الكبر…
* الزواج إلا من صفاقسية أو صفاقسي: التفتح على مختلف الجهات بالمصاهرة: تخلى الصفاقسي عن فكرة ” ناخذ إلا صفاقسية ” وبنت الحسب والنسب ” وما نعطي بنتي إلا لصفاقسي ” ليصاهر من عائلات خارج مدينته وهي عقلية جديدة فرضها جيل من الأبناء المتكونين والمثقفين على عائلاتهم …
* أبواب البيوت مفتوحة: من مبادئ الصفاقسي أن بيته أبوابه موصودة أمام الغرباء ولو كانوا من الأصدقاء لا تعتبه أقدامهم وهذا يظهر في هندسة الأبراج حيث أن بيت السهرية أبوابها تفتح خارج البرج لاستقبال الضيوف والأصدقاء والسقيفة في ديار بلاد العربي فالمسكن مكمن سر حياته الخاصة
* عدم حماسهم في تعليم أبنائهم حرفة: كان الآباء قديما يفرضون على أبنائهم الصغار الالتحاق بالحرفيين صيفا لتعلم حرفة تصلح عند الحاجة أو لامتهانها عند الفشل في الدراسة… أما اليوم الأبناء أصبح ليلهم معاشا في المقاهي والنهار سباتا ويعيشون على مساعدة الأولياء عوض الاعتماد على النفس لاستنكافهم من العمل اليدوي…
* تلهفهم على التوظيف في الإدارات أو الشركات أو المؤسسات: لم يكن الصفاقسي يهتم بالوظيفة لاعتقاده أن المهن الحرة أجدى ومدخولها أوفر فاختار الصناعة والحرفة والفلاحة كموارد رزق واليوم أصبح يتوق للتوظيف حتى يضمن مستقبله في الحصول على أجرة قارة وثابتة
* لم تعد صناعتهم بمثل تلك الجدوى والفاعلية لغياب أمناء الحرف من ناحية وعقلية السواقي التي غزت العقول وللضغط على التكلفة من ناحية أخرى…
لكن رغم هذا التغير هناك من الصفاقسية من يزالون متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم وأساليب عيشهم القديمة ومحافظين عليها وتبقى محبتنا لصفاقس قاسمنا المشترك الذي يبقى في القلوب صامدا لا يتزحزح…
محمد العش