سوق الجملة بصفاقس يستقبل إلا 25 بالمائة من السلع : البلدية المسؤول الأول .. والمواطن يدفع !!
600 عامل بسوق الجملة بصفاقس مهددون بالبطالة.. السوق خالية من السلع والقليل منها سعره خيالي في غياب وفرة العرض.. المستهلك متضرر والمخازن تحولت إلى أسواق موازية تقطع رزق العمال وتتحكم في الأسعار المشتعلة.
هذا ما أكده الكاتب العام الجهوي للاتحاد الشغل بصفاقس السيد عبد الهادي بن حمعة على إثر اجتماعه يوم أمس الإثنين بعدد من المتدخلين في سوق الجملة بصفاقس في إطار حرص الإتحاد على الضغط على الأسعار وحماية المقدرة الشرائية للمواطن التونسي وكذلك حماية مصالح منظوريه.
بن جمعة قال: إن كل منتوجات الجنوب التونسي تقريبا كانت تروج في سوق الجملة بصفاقس الذي يقوم بدور تعديلي للأسعار لتخفيف العبء على المواطن والقطع مع سياسة الاحتكار، لكن بوجود «لوبيات» تنشط خارج السوق، فقدت السوق دورها وأصبحت المخازن او الاسواق الموازية هي المتحكمة في أسعار الغلال والخضر التي تباع في الطرقات العامة وفي الفضاءات التجارية الكبرى دون أن تمر بمسلك السوق.
أين المراقبة ؟
الكاتب العام قال كذلك ان المنظمة الشغيلة سبق لها وان نبهت الوالي السابق والحالي، كما رفعت الموضوع للإدارة الجهوية للتجارة، لكن الحال لم يتغير مما أفقد سوق صفاقس التي أنجزت بتكلفة قدرت بأكثر من 4 مليارات وتساهم في دعم ميزانية الدولة وتعديل الأسعار على قاب قوسين من الغلق .
وبعيدا عن تصريحات الهادي بن جمعة، اتصلت «الشروق» بكل المتدخلين في سوق الجملة بصفاقس وهم حسين بن سالم الكاتب العام لنقابة تعاضدية «كوسام» ونظيره فتحي ونيس بالنقابة الأساسية لتعاضدية «كوبوم» ومحمد علي سلام الرئيس المدير العام لتعاضدية كوسام ولطفي قويعة الرئيس المدير العام لتعاضدية «كوبوم» لتقف على حقيقة مفزعة مفادها أن السوق لم تعد تشتغل لأكثر من يومين أو 3 في الأسبوع وان 600 عامل بالسوق باتوا مهددين بالبطالة والأسباب عديدة.
من 12 إلى 14 بالمائة؟
أولى هذه الأسباب هو المعالم المحددة بسوق صفاقس بـ 14 بالمائة، خلافا لكل الأسواق التونسية المحددة فيها بـ 12 بالمائة فقط مما يدفع بالفلاح إلى بيع سلعه خارج السوق تجنبا لهذه المعاليم المشطة.
ثاني هذه الأسباب وربما هي المعظلة الاكبر هي المخازن المنتشرة بصفاقس والمعلومة لدى الجهات المختصة بعناوينها والتي بلغ عددها 12 مخزنا تقتني كل السلع تقريبا دون معاليم موظفة على الفلاح، ثم تتحكم في أسواق التفصيل والفضاءات التجارية الكبرى وتروج السلع بالشكل الذي يرضيها وبهامش ربح يقدر بزيادة بـ 100 بالمائة! والمواطن يدفع الثمن.
المتحدثون والعاملون بالسوق يؤكدون أن المراقبة غائبة تقريبا، ويتندرون بزيارة وزير التجارة في نهاية الأسبوع الفارط إلى سوق الجملة بصفاقس، هم يؤكدون والكلام دائما لهم أن البلدية سارعت بتجميل السوق وتنظيفه على غير العادة، وقد تمت مغالطة الوزير بإغراق السوق بالسلع، لكن مباشرة بعد خروجه انتهت مظاهر «الماكياج» لتعود السوق إلى حالتها : سوق خالية من السلع في المقابل ومظاهر الإنفلات تهيمن على الفضاء.
المسؤولون والنقابيون بالسوق يطالبون بتوحيد المعاليم المقدرة بـ 12 بالمائة في كل الأسواق التونسية حتى يتشجع الفلاح على ترويج سلعه بسوق صفاقس، وينادون كذلك بمراقبة أنشطة المخازن «الدبوات» التي تحول أصحابها والتعبير دائما لهم إلى «بارونات ولوبيات» تتحكم في عيش المواطن وتتحكم في رزق عمال السوق الذين تنتظرهم البطالة ..
المسؤولية يحملونها بالكامل للبلدية، ثم لوزارة التجارة ممثلة في مكتبها الجهوي بصفاقس التي – والكلام دائما لهم – لم تتحرك لتحمي المستهلك الذي لم يعد قادرا على اقتناء حاجياته الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار وفي المقابل «استكراش» فئة قليلة من أصحاب المخازن على حساب المواطن البسيط.
100 ألف طن سنويا
ومواصلة في الموضوع اتصلنا برئيس غرفة وكلاء سوق الجملة بصفاقس محمد داود ففاجأنا برقم يؤكد صحة كلام كل المتدخلين السابقين إذ يقول أن سوق الجملة بصفاقس لا تستقبل إلا 25 بالمائة من السلع والبقية أي 75 بالمائة تباع خارج السوق، مما يعني انه وبقانون العرض والطلب، ترتفع الأسعار بشكل آلي.
حمادي داود يؤكد أنه منذ 15 عاما كانت السوق تروج 100 ألف طن سنويا من الخضر والغلال، بالرغم من ارتفاع عدد السكان والنقلة النوعية في الاستهلاك ووفود عدد كبير من الأشقاء الليبيين علينا، مازال السوق يستقبل نفس الكمية مما يعني أن كل الزيادات المفترضة تباع خارج السوق.
والسؤال المطروح: متى يعود الدور الرئيس لسوق الجملة بصفاقس لاستقبال السلع وفي تعديل الأسعار والمساهمة في دعم موارد الدولة والمحافظة على العمال والمقدرة الشرائية للمواطن؟
راشد شعور / الشروق