منع الدروس الخصوصية…الرابحون والخاسرون؟
أعلن وزير التربية أنه سيتم منع الدروس الخصوصية بكل حزم السنة المقبلة كما قدر كلفة هذه الدروس على المواطن ب 700 الف دينار…معنى ذلك ان السيد الوزير يقر بوجودها (دروس خصوصية قانونية وغير قانونية اي عشوائية وموازية وهي الاكثر شيوعا) والوزارة لم تحرك ساكنا بتفعيل القانون المنظم لهذه الدروس مما جعل هذه الدروس خاصة العشوائية منها تتفاقم وتستفحل وتصبح حقا مكتسبا لرجال التعليم وموردا هاما وقيما لا بد منه لا تضاهيه زيادات ولا ترقيات…
وفي اعتقادي المطالب النقابية ضرورية لمرحلة التقاعد خاصة ولإثبات الذات كغيرها من النقابات المتواجدة في البلاد في خضم مختلف التجاذبات وحتى تجد لنفسها موقعا ومكانا تحت الشمس لدى الرأي العام وهذا حقها. ونفهم أيضا أن مقابل هذا التغاضي من قبل الوزارة ينبغي على رجال التعليم عدم المطالبة بحقوقهم في تنفيذ الاتفاقيات وتفعيلها وإلا فإن الوزارة ستتخذ التدابير اللازمة لقطع هذا المورد …وهذه سياسة غير مجدية وبعيدة عن الحكمة والصواب… وفي تصوري توقيف هذه الدروس من المستحيلات بعد ان اصبحت حقا مكتسبا لرجال التعليم ويمكن اعتبارها ضريبة على الأولياء …وللاولياء حل للهروب من ضغوطات ومتطلبات متابعة أبنائهم لما يتطلبه ذلك من وقت وصبر وتعب ومواكبة للبرامج وتعقيداتها…وفي اعتقاد البعض من الاولياء انها عمولة تدفع للمعلمين لضمان النجاح والاهتمام والحرص من قبل معلميهم وأساتذتهم … وفي تصوري أيضا أن تهديدات الوزارة فقاقيع للتخويف والتهريب …ولكن حقيقة سنشهد السنة المقبلة تدابير وإجراءات عقابية وتفعيل للكم الهائل من القوانين حول هذه الدروس لمن يفتضح امره من رجال التعليم لأن هذه الدروس ستاخذ أشكالا سرية والمسكين من رجال التعليم من يقع في مثل هذا الإشكال …والاخطر انهم سيجدون انفسهم تحت رحمة الاولياء… أما إذا ما عمل رجال التعليم في نطاق القانون والشفافية ووفق التدابير الجاري بها العمل فإن المداخيل ستقل والضرائب ستجد مفعولها إلى جانب التفقدات والمتابعة من قبل الوزارة التي يمكن لها إجراؤها على هذه الدروس بالنسبة للمسترخصين …وهل يمكن لأغلب المعلمين من توفير الإطار المكاني المناسب ؟ وهل المسترخصون وغيرهم يقومون بها وفق برامج واهداف مسطرة مسبقا حتى تحقق اهدافها ؟لا اعتقد ذلك لأن هذه الحصص تتم في المنازل الخاصة وفي مستودعات وغيرها من الفضاءات …كما انها لا تخضع إلى برمجة مسبقة وتخطيط محكم…وهل بمقدور الوزارة القيام بالمراقبة المتواصلة والناجعة؟ وهل باستطاعة الاولياء الاستغناء عن هذه الحصص نظرا لفاعليتها في تحسين مستوى منظوريهم إذا ما تمت هذه الحصص بالجدوى والفاعلية المرجوتين؟ لا انكر ان رجال التعليم يمكنهم الاستغناء عنها مكرهين لا مخيرين لكن على حساب مستوى عيش نما وتطور بشكل كبير …وهل جراية آخر الشهر كافية لتحقيق ما يصبون إليه من عيش كريم ورفاهية الحياة ؟ وهل بمقدورهم الاستغناء عنها بكل بساطة ؟ لا أعتقد…
وفي الختام أقول أننا جميعا خاسرون أي كل الأطراف المتدخلة سواء تم المنع أو بقيت الظروف على حالها وهذا الداء العضال والمزمن لا براء له إلا بثورة إصلاحية شاملة في العقلية والبرامج وهذا يتطلب عقودا من الزمن لكن الواجب يدعونا إلى التحرك والإصلاح لأن بقاء الحال على ما عليه جريمة في حق أبنائنا …اكبادنا …ومن حق رجل التعليم الحياة الكريمة لأن شخصية التلميذ من شخصية المعلم….
محمد العش 11/6/2015