الشرفية و الشرافي في قرقنة و صفاقس
الشرافي هو جمع شرفية وهي طريقة صيد تقليدية تخص منطقة صفاقس وقرقنة وهي في نفس الوقت ملكية بحرية. تشير عديد الوثائق أن هذه الطريقة في الصيد و الملكية كانت شائعة في صفاقس منها وثيقة تعود للقرن 16 جاءت فيها بعد البسملة: “بعد أن كانت أم الحسين بنت الرايس أبي زيد بن عباس سلمت إلى صهرها الرايس محمد يعرف بوعطية النوالي سهر الفريخة عشرة قراريط على الشياع من الشرفية المعدة لصيد الحيتان الكائنة ببحر طينة شهرت شرفية المنارة…” أي أن الشرفية مند قرون تمثل قطعة من البحر و مصيدة في آن واحد. وهي ملك عقاري ونتعت بأسماء ولها حدود ومنافع، تسلم و تباع وتشترى ككل الاملاك العقارية. وتشير عديد النصوص تعود إلى القرن الثاني الميلادي خلال الوجود الروماني، تتحدث عن الصيد بالحواجز البحرية بجزيرة جربة وجزر الكنايس وجزيرة قرقنة والشابة واللوزة. وفي الوقت الحاضر قلت الشرافي في بحر صفاقس وبقيت موجودة في بحر قرقنة.
أما عن أصل الكلمة يقول أستاذ التاريخ بجامعة صفاقس عبد الحميد الفهري أن أصل الكلمة تعود للقرن 17 متأتية من “وثيقة الملكية الشرفية” وهي وثيقة رسمية معترف بها لدى سلطة الباي آنذاك، أي أن قطعة الشرفية تعتبر شرفا للعائلة المالكة. ذلك أنه فى القرون 12 و15 و 16، حسب الأستاذ الفهري هجم سكان صفاقس على جزيرة قرقنة واستولوا على الممتلكات البحرية. فتشكى أهل قرقنة للباي مراد الثاني (1662-1675) ليقر باسترجاع أهالي قرقنة للممتلكات البحرية بفضل “وثيقة الملكية الشرفية”. إلا أنه تفسير غير دقيق لأن كلمة الشرفية كانت تستعمل في صفاقس كما دلت الوثيقة السابق ذكرها في القرن 16 وحتى قبل ذلك أي قبل “وثيقة الملكية الشرفية”. ويرجح أن تكون الكلمة نسبة لعائلة الشرفي بما أنه كانت لها عديد الممتلكات البحرية في قرقنة وصفاقس منذ قرون عدة وساهمت في تطوير هذه الطريقة في الصيد فأطلقت على القطعة المملوكة بالشرفية وأصبحت الكلمة عامة. وهذا البحث بحاجة لمزيد من التدقيق التاريخي.
والفرق بين الشرفية و الزروب أن الشرفية قطعة بحرية قارة و الزروب متنقل يقام في أي مكان في البحر. ويختلف بناء الشرفية باختلاف الموقع و المساحة و التيار المائي. وبصفة عامة يقام جدار أساسي من جريد النخل عمودي الاتجاه يسمى “مرسيه” أو “ارجل” ويكون انطلاقه من ساقية أو واد أو بحيرة أي أماكن أكثر عمقا في البحر. ويقابل الجدار الاول جدار ثاني يسمى “خراج” ثم جدار ثالث يسمى “رداد” فيجبر الاسماك على الدخول للزريبة و منها إلى “الدار” ومن الدار إلى الحجرات ثم إلى الفتحات وأخيرا إلى الدرينة وهي مصنوعة من الحصر أين تتجمع الأسماك.
ويحبذ الناس أكل سمك “الشرافي” لطيبه الذي يرجع إلى صومه وتفريغ بطنه من الاوساخ.
وتعتبر الشرافي حاليا الموجود في قرقنة إرثا وطنيا مهددا وطريقة صيد تحافظ على الثروة السمكية وجودتها لذلك فهي في حاجة للحماية والتثمين و يؤكد الاستاذ عبد الحميد الفهري أن كل معاهد القانون التي تدرّس قانون ملكية البحر تعتمد جزيرة قرقنة نموذجا، لذلك لا يمكن أن نشطب هذا التراث العظيم والكبير.
_____________________________________________________________
د.وليد العش. موقع تاريخ صفاقس.
المصادر:
معجم الكلمات و التقاليد الشعبية بصفاقس. علي الزواري و يوسف الشرفي.
مقال جزيرة قرقنة التونسية حيث يباع البحر ويشترى. جريدة العرب.