كن سندي يا ولدي
يا ولدي …أريدك سندي وأنا أعيش أرذل عمري
يا ولدي …مضى من العمر الكثير ولم يبق منه إلا القليل فصبرا منك علي سألقى مصيري
يا ولدي …مات والدك رحمة الله عليه وتركني في كنف عطفك وحبك دون غيري
يا ولدي …لقد قالوا من خلف خلفا لم يمت…هيهات لم يعد لهذا الكلام غير صرير
يا ولدي هل أعطيك دليلي؟
ــــ لم ترني يا ابني وأنا اذرف الدمع الغزير وقد هجرتني …
ــــ أصبح بيتي قفرا وقد قلت زياراتك لي فأصبح الغريب أكثر قربا منك تجاهي…
وكيف لك أن تراني وتعيش ماساتي وأنت البعيد عني بجسمك وروحك عن كياني …قطعت صلتك بي واخترت حياتك مع عائلتك …فانقطعت طلعتك صباحي ومسائي …كنت أفرح بوقفتك وسؤالك عني …أما اليوم فقد انقطع كل شيء يوم أن هجرت بيت طفولتك فأصبح قفرا باردا خاليا من كل حرارة وحناني… كم تهزني فرحتي ويهزني شوقي إلى زيارتك وإشباع عيني برؤيتك …هل لي الحق في ذلك أم أنك لم تعد ملكي …
هل ضعت مني يوم أن تزوجت وسكنت قلبك زوجتك وامتلأ وقتك بأطفالك فلم تعد تجد لي وقتا ولا اهتماما …أليس حقي عليك أن تزورني وتسال عني وتتفقد أحوالي وتقضي لي شؤوني ولو لماما.. لمن تركتني ياولدي …تركتني لوحدتي وبؤسي وشقائي مع أمراضي …تركتني لحزني وأسفي على حياتي …
خوفي عليك يا ولدي يوم أن تسمع نعيي وأنت بعيد عني …ضجري وخوفي من شدة وقعه عليك وأثره على نفسك … ستندم طبعا طبعا ولكن لا ينفعك الندم يوم أفارق حياتي… خوفي يوم أن تصعد روحي ولا أجدك قربي فتصعب علي سكرات موتي …ساعتها أكون محتاجة إليك أكثر وأكثر لتلقنني الشهادة لعلني لا أجد القدرة على ذلك هلعا وخوفا وارتباكا… وتبلل ريقي…وتشد على يدي لتبعث في عزيمة واطمئنانا … وأفارق حياتي وقد ملأت عيني بوجهك وأذني بسماع صوتك وأنت تكبر وتلطف وتهمس في أذني: أحبك أمي …
وماذا عسايا أن أقول أو أفعل ؟هل أذكرك بتقاعسك نحوي ؟هل أذكرك بإهمالك لي ؟هل أعاتبك ؟هل ألومك ؟وهل لي القدرة على ذلك؟… أعدك أني لن أفعل ذلك…وأعدك أن آخر كلامي سيكون أحبك أحبك…فكن سندي قبل فوات الأوان.
أمك التي تحبك
بقلم محمد العش.