صفاقس تعترف باستقلال الحفصيين وبانتقال العاصمة إلى تونس
اهتم الموحدون في آخر عهدهم بمدينة صفاقس كما دل على ذلك بناء مواجل الناصرية بسبب شدة عطش المدينة، الى جانب أعمال الترميم و تطوير الإعمار. كما ازدهرت التجارة و الصناعة و الحركة العلمية. و هذه النهضة قد شملت كامل البلاد و خاصة مدينة تونس التي تم اتخاذها عاصمة الولاية.
و بعد رجوع الخليفة الموحدي محمد الناصر الى المغرب سنة 1206 ولى على تونس أحد ثقاته المقربين وهو الشيخ الهنتاتي الأصل عبد الواحد ابن أبي حفص و هو جد الحفصيين. و قد احتلت هذة العائلة مكانة مرموقة حتى كان يطلق على كل حفصي لقب “السيد”. ثم أعلن أحد أبناء ابن أبي حفص استقلال تونس عن الدولة الموحدية سنة 1229 ألا وهو أبو زكريا يحيى بن حفص. فأمر في البداية بالكف عن الدعاء للخليفة الموحدي ثم سمى نفسه بالأمير و أسس الدولة الحفصية التي سيكتب لها الدوام لمدة ثلاثة قرون و نصف. و ببعد تركيز دولته الممتدة من طرابلس غربا إلى بجاية شرقا أعلن استقلال مملكته علنا أمام الممالك الأخرى سنة 1236.
و رغم بعض الاضطرابات التي حصلت في البادية، فقد ساندت معضم المدن منها صفاقس هذا الاستقلال و لم يذكر أي اضطراب من سكان صفاقس و يبدو أن تسليم ولاية صفاقس تمت كذلك بسلام. و تم الاعتراف بتونس كعاصمة للمملكة الفتية لأول مرة في تاريخ إفريقية و ذلك بكونها مقر الولاية و بكونها أكثر أمنا و بعدا من مناطق الأعراب الهلاليين و السليميين المحيطين بالعواصم السابقة القيروان و المهدية.