يوم العرس الصفاقسي قديما
بعد العوادية وأحداثها يبقى الفضاء المغطى بالبيشان على حاله بعد سهرة العوادية لإقامة حفلة العرس الرسمية نهارا أي بعد الزوال والمخصوص للنساء فقط… وينظم صباحا وينظف ويرتب من قبل أهل العريس وذلك بتنظيم الكراسي وتزيين ركح العروسة بالجريد والزرابي والأشرطة الملونة والفوانيس الكهربائية. يقدم الحلاق إلى بيت العريس صباحا للحلاقة ويلبسه جبة الحرير الخمري على أنغام موسيقى الباي ولا تسمع إلا الزغاريد تتعالى في جنبات الحوش وفي الأخير يضع له الشاشية مجيدي على رأسه وهكذا يصبح عريسنا جاهزا للعرس…
تنصرف الفرقة الموسيقية النحاسية في حال سبيلها بعد أن قامت بدورها وتأتي فرقة أخرى للعرس إما أن تكون فرقة وترية رجالية وأشهرها “فرق العميان” أي فاقدي البصر أو “مولاة البيانو” أي صاحبة البيانو وأشهرهن في صفاقس ” مريم ” ودوجة كسودية” هذه الفرقة تتكون على الأكثر من 3 أنفار يأخذن مكانهن حذو ركح العروسة… وينطلق الحفل بالغناء وتقبل المدعوات زرافات ووحدانا مترجلات أو على العربات المجرورة أو “الكاليس” تحت لهيب الشمس الحارقة أو يقدمن على السيارات مرفوقات بأزواجهن وعددها نادر جدا جدا … يحل ركب العروس إلى مكان الحفل رفقة أبيها على متن سيارة أو “كاليس “وما إن تطأ قدماها الأرض حتى تجد عريسها ينتظرها واقفا فيتسلمها من والدها ويدخلها إلى فضاء العرس وتؤخذ لهما بعض الصور التذكارية ممن يملكون مصورة من الأهل وكم هم قليلون … أما مرافقوها فيحل ركبهم تباعا في سيارات أو وسائل أخرى وكل “قدير على قدرو”… يتواصل الحفل في جو من السعادة والفرح وتوزع الحلويات الصفاقسية الأصيلة والمشروبات من قبل شابات,متطوعات من أهل العريس… والزغاريد تولول والبيانو يشنف الآذان ومريم تغني وتطرب والشابات يرقصن…
يجلس العريس حذو عروسته مدة قصيرة ثم يخرج ملتحقا بالرجال خارج فضاء الحفل ويجلس على أريكته ويتقبل التهاني…وعند تعليلة العروسة يعود إلى فضاء الحفل ثم يخرج من جديد … ثم يعود عند “التنقيز” على الحوت ثم يخرج من جديد…ويفهم من ذلك أن أكثر الوقت يقضيه خارج فضاء العرس لأن العرس مخصوص للنساء فحسب… وعندما ينتهي العرس عند الغروب يأخذ عروسته إلى بيته.
ويغادر الجميع المكان متمنين للعروسين السعادة والهناء.
محمد العش