برج القلال بصفاقس : لؤلؤة ثقافية تضيء بصمـت
في إطار البرنامج الثقافي للسنة الحالية 2015، تنظم جمعية أحباء الفنون التشكيلية بصفاقس يوم غد السبت 24 جانفي سهرة موسيقية بفضاء برج القلال الثقافي استعدادا للمعرض الدولي للصورة الفوتوغرافية من 11 إلى 27 فيفري المقبل.
فضاء برج القلال الثقافي يشتعل على مدار العام بعيدا عن دق طبول الإعلام ليستقطب الفنانين التشكيليين وغير التشكيليين من كهول وأطفال، محترفين وهواة وجدوا تحت سقفه فضاء للإبداع مستلهمين من معماره التراثي صورا جميلة تستحضر الماضي وتستبق المستقبل ..إلى هذا الفضاء اتجهت «الشروق» لتكشف عن لؤلؤة ثقافية لم تطلها أضواء الإعلام، ربما بسبب توجهات الهيئة المسيرة القائمة على العمل بصمت.. الفضاء واقع بطريق قرمدة كلم 6، والوصول إليه ليس بالسهل بسبب المسلك غير المعبد والذي آن الأوان لبلدية المكان الإهتمام به رأفة بالمتساكنين والمثقفين، فالفضاء يستقبل أكبر الفنانين التشكيليين وغير التشكيليين الدوليين، وحالة المسلك لا تعكس حقيقة الفضاء.. هو برج قديم، «تبرع» به صاحبه للعمل الثقافي ليجد هيئة متطوعة تعمل بصمت وتناضل من أجل توفير مستلزمات الفعل الثقافي.
مديرة الدار ورئيسة جمعية أحباء الفنون التشكيلية السيدة عائدة الزحاف آثرت بروح تفاؤلية عدم التحدث عن الصعوبات والعراقيل لتستغل فرصة وجودنا لبسط برامجها المتنوعة الثرية .. التنوع في الفقرات لمسناه من الإدارة نفسها المنهمكة في الطبع والإتصالات الهاتفية، سهرات موسيقية.. معرض للصور الفوتوغرافية، معرض للنحت والنسيج.. العاب تقليدية للأطفال زيارت مرتقبة لفنانين دوليين وأكاديميين.. سفرة الكسكسي.. صالون الإبداع في الصناعات لتقليدية وغيرها من البرامج الثقافية التي قطعت مع النخبوية واقتربت من الفنان والحرفي والمثقف والأكاديمي..
برمجة 2014، تنوعت، لكن برمجة 2015 المرتقبة أكثر تنوعا وثراء تلتقي داخل البرج التراثي لتتجه إلى الفضاءات الخارجية الجامعية والثقافية بروح ابداعية تقطع مع التصورات المرتجلة وتؤسس لمشهد ثقافي يشرف عليه متطوعون يحرصون على معاضدة المجهود الثقافي الذي تؤمنه المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس .. المسكوت عنه كثير وهو بالأساس ضرورة معاضدة البلدية والولاية ومندوبية الثقافة والسياحة وغيرها من الجهات المعنية مجهود الجمعية لضمان استمرار نشاط الفضاء، فلئن تحدت البناية القديمة الزمن وبقيت شامخة تستحضر الماضي وتتطلع إلى المستقبل، فإن الهيئة استلهمت من أعمدتها المزركشة روح التحدي ومن نوافذها العتيقة روح الإنفتاح. قلت المسكوت عنه كثير، ولعل أقله ضمان مرتبات قارة لعاملين أو ثلاث يشرفون على الحراسة والتنظيف والصيانة لفضاء ثقافي يشد إليه الزائر بهيئته وإدارته النشيطة وبنايته الجميلة الجذابة التي تعكس روح الإبداع للسلف والأجداد الذين سكنوا الأبراج في سنوات خلت بصفاقس لكنهم لم يدركوا وقتها أن مسكن الواحد منهم قد يتحول في القادم من الزمن إلى لؤلؤة ثقافية تستقطب الفنانين وتلهمهم معاني الإبداع.
راشد شعور / الشروق