منصف المزغني : صفاقس عاصمة الخشب لسنة 2016
في منشور له عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل “فيسبوك” كتب الشاعر منصف المزغني ما يلي :
1-
في حديث عابر مع صديقي وزير الثقافة الجزائري الشاعر عزالدين ميهوبي ، حول مدينة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية هذا العام 2015′ قال لي:
“من أساسيات العاصمة الثقافية ان يكون رئيسها شخصا فاعلا ذا إشعاع وطني وعربي ، فهو يعطي التظاهرة وزنا وثقلاً وله قدرة ادارية على إقناع المحيط الوطني والعربي بالمشاركة والتفاعل والعطاء ”
و في ثنايا الحديث ،عبر الوزير الجزائري الشاعر العربي عن استعداده من موقعه الرسمي والإبداعي لدعم تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 .
2-
حين سمعتُ لأول مرة باسم رئيس الهيأة التنفيذية بصفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 تبين لي اني لا أعرفه ، وكنت دائماً أنسى اسمه، لا من باب التجاهل ولكن لان اسمه يرفض ان يكون محفورا في الذاكرة ….
ولم أشأ ان اكون ظالما للرجل ، وانا البعيد عن صفاقس وحراكها الثقافي اليومي ، فسألْتُ عنه المثقفين وأهل الثقافة المكْتَوين بنار العمل الثقافي الصعب في مدينة صعبة المراس مثل صفاقس ، فكانوا مثلي يجهلون الرئيس ! ..
وحين سألْتُ محرك البحث “غوغل ” عن هذا الرئيس ، وعن مآثره الثقافية ، أنكر غوغل معرفته بالرجل أصلا وفصلا ، وبالطبع لم يذكر له مأثرة ثقافية واحدة ، او نشاطا ثقافيا ملحوظا ، كما لم يعرف عنه انه كتب مقالة او دراسة او بحثا في مجلة او كتاب …
وحين سألْتُ من حطّه على كرسيّه هذا ،،،
وحين عرفتُ أنّ من نصبه هو وزير الثقافة الزّائل في حكومة جمعة !
تأكدتُ اني لم أعد وحدي الذي لا اعرف السيد الرئيس …. .
3-
وحين اردت ان اتجاوز الامر الى العمل ، وسألتُ عن حركة صفاقس نحو هذه العاصمة الثقافية ، لم اعثر على اي حركة او نشاط غير شقشقة لفظية تقول ان صفاقس عاصمة الثقافة العربية ، وقيل لي ان إذاعة صفاقس ما فتئت تذكر السامعين بان صفاقس عاصمة الثقافة العربية في العام المقبل ، وان الثقافة العربية في العام المقبل عاصمتها صفاقس التي ستكون عاصمة ثقافية عربية في السنة القادمة ، اما البرنامج فهو التذكير بأعضاء اسماء الهيئة !
4-
وحين سألتُ عما يمكن ان يفيد ، وعما يمكن ان نراه من دعم مادي ، قيل لي ان احد أثرياء صفاقس قدم مشكورا دعما ماديا ملموسا ، والجماعة ( الهيئة – اللجنة ) لا تستطيع التصرف في مليم واحد ، ولا شيء يمكن ان تفعله الان غير ان تنتظر صدور اسمها في الرائد الرسمي ، وسبق ان حكيت مع بعضهم فرأيت شوقا حقيقيا في عيونهم لقراءة أسمائهم باعتبارهم أعضاء لجنة صفاقس الثقافية في أعمدة ” الرائد الرسمي للجمهورية التونسية “.
5-
تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 ذات جانب رسمي ، مربوطة وطنيا وحكوميا بتمويل وزارة الثقافة , وعربيا هي من منظورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، ومن الضروري ان تكون موصولة أيضاً بمؤسسات القطاع الخاص ، فان التظاهرة لا تملك لغاية كتابة هذه الأسطر ( 24 جويلية 2015 ) عنوانا معلوما ، ولا شعارا جماليا ، ولا بريدا إلكترونيا ، باستثناء بعض صفحات فيسبوك لَنشطاء من المجتمع المدني من ذوي الحماس الثقافي الأصيل ،
6-
صفاقس عاصمة الثقافة العربية الان ، لا تملك لغاية اليوم شعارا جماليا يشير اليها، ويلفت اليها النظر، ولا لافتات في الشوارع ، ولا اثر لها في المقاهي وفي صالونات الشاي التي صارت أعدادها متفوقة على أعداد الدراجات النارية .ومعلوم انه اذا كُنتَ لا تملك برنامجا ، فانه لا احد يعطيك او يقرضك ، او يساعدك ، اذا انت نفسك غير واضح مع نفسك .
7-
ولكن ما هو الموضوع الأساس في صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 ؟
ان الحوار الثقافي لم يتم لحد الان بالوضوح الكافي الذي يجعل وجهات النظر تتفق حول ما تثيره كلمة : صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016
ولان الحوار يعاني من الانكماش ، فان اللجنة الحالية تتألف من أعضاء وكل منكفىء على نفسه ، ولكل واحد رأيه ، ولكن ما دوره الذي عليه القيام به ؟
لغاية اليوم ، نرى اكثر من وجهة نظر في فهم صفاقس عاصمة الثقافة العربية .
ا- فهل المسالة الاساس هي :تحسين السور وتزيينه وإضاءته حتى يسر الناظرين ، وهذا من مشمولات جهات اخرى مثل البلدية والولاية ووزارة السياحة ،
ب- ام ان الأساس هو تعبيد مسلك سياحي نموذجي وهذا شان وزارة السياحة أيضاً ،ً
ج- ام ان الأساس هو التلوث الذي تعاني منه صفاقس منذ زمان بعيد ، وهو شان ملتبس وملف من ملفات وزارة البيئة والصناعة والتجارة ،؟
د – ام ان الأساس هو دعم الجمعيات الثقافية والحركة الثقافية وتنشيط العمل المسرحي والأدبي في والفن الشعبي بجهة صفاقس ومختلف معتمدياتها.
ه- ام ان الأساس هو الاهتمام بأسابيع ثقافية عربية تستضيفها صفاقس ،
و- ام ان الأساس أيضاً هو ان تقيم الولايات التونسية أسبوعها الثقافي في صفاقس
ز- ام ان الاساس هو وضع قاموس صفاقس ويشمل العادات والتقاليد والفنون وألعاب الصبيان وعادات الأعراس ؟
ح- ام ان الأساس هو ان تلفت صفاقس النظر اليها باعتبارها عاصمة ثقافية قديمة وجديدة من خلال التعريف بإعلامها في الماضي والحاضر؟
ط – ام ان الأساس هو ان تقدم صفاقس نفسها من خلال الكتاب ، وهل الكتاب هو اوراق مطبوعة ام لا بد ان يعني الكتاب حدثا ثقافيا فارقا ومميزا ؟ وهل الكتاب هو نشر كتيبات في مواضيع شتى ، ومن يحدد موضوعاتها ؟
ي- ام الأساس هو ترميم المسرح البلدي ،حتى يكون فضاء ثقافيا لائقا باستقبال العروض الحديثة في أبهى الظروف ، وهذا دور لابد ان تنهض به البلدية ؟
ك- ام ان الأساس هو انتاج شريط سينمائي وثائقي عن مدينة صفاقس، وتوثيق صورتها التي تكاد تتلاشى مع رحيل حافظي ذاكرتها ؟ ….
ل – ام الاساس هو أعداد برنامج أسبوعي لتغطية إعلامية مرئية وَ مسموعة لأنشطة التظاهرة ؟
أسئلة لا تنتهي ، وكل يتناول الموضوع الأساس من الجهة التي تعنيه و ومن الزاوية التي تحفظ مصالحه واهتماماته ،
8-
ان اللجنة تواصل عملها الان ، في كنف السرية التامة ، مما يوحي بان الآليات القديمة متواصلة ، وان العمل المدبّر بليل مستمر ولم يبرز الى رابعة النهار ، واللغة الخشبية هي نفسها ، ولم تتكيف مع احلام ثقافية مشروعة بعد كل هدا الذي عاشته تونس ؟
فإلى متى سوف يستمرّ هذا الوضع الخشبي في صفاقس التي لا تستحق كل هذا الذي لا يجب ان يحدث !!!
9- فلا شيء لحد الان يوحي بان صفاقس ستكون عاصمة الثقافة العربية لسنة 2016 , ولا اثر لأي عرس ثقافي لحد الان ونحن تتوغل في الزمن ولا يفصلنا عن السنة القادمة الا خمسة اشهر هي لم تعد قادرة الا على انتاج الارتجال مع لجنة منكمشة عن الواقع الثقافي في معناه التواصلي مع الناس وأهل الارض والفلاحين الحقيقيين في القطاع الثقافي ، لا مع المقاولين و” الهبّاطة ” ومستواهم الذي يسمح لهم باحتقار الثقافة .
10 –
اخر الاخبار الحزينة ، توكد لي المصادر الموثوقة بان الافتتاح الذي كان مبرمجا في شهر افريل 2016 ,سوف يتاجل الى 15 جويلية 2016 . حتى ان بعضهم علّق ساخرا انه من الممكن ان يتأخر الافتتاح الى 31 ذيسمبر 2016 .
11-
كل ما تعيشه تونس لا يجب ان يبرر كل هذا الخور الذي عليه تظاهرة كهذه ، كما ان الذي شك فيه لحد الان هو ان لجنة التظاهرة الرسمية ستجتمع لإنتاج لجان نأمل ان تكون شعبية اي فاعلة وَ متغلغلة في النسيج الثقافي ، ونأمل ان تتجنّب اخطاء اللجنة الأمّ ، فالمدينة تتهيأ لاحتفال ثقافي لا بد ان يكون جديرا بصفاقس التونسية العربية .
12-
ما أخشاه هو ان تتأكد اللعنة الثقافية التي باتت تطارد صفاقس حتى في عرسها الثقافي ، وفي صفاقس طاقات كثيرة في الداخل والخارج وغيرها من مدن وقرى بلادنا التونسية الجميلة الخضراء
فافتحي نوافذك يا مدينتي وأخرجي من الخشب واللوح والموبيليا . وعانقي حرية الياسمين قبل ان يحترق .
منصف المزغني / 24 جويلية 2015