جامع السّلّامي
في النّصف الثّاني من القرن الثّامن عشر بدأت مدينة صفاقس تضيق بأهلها بسبب تكاثر السّكّان فتمّ اللجوء إلى البناء خارج السّور الجنوبي ابتداء من سنة 1775 ميلادي في عهد الأمير علي بن حسين باي و بذلك بدأت نشأة “باب بحر”.
و بانتشار العمران بهذا الحي احتاج السكّان إلى مسجد يؤدّون فيه فريضتهم فتطوّع التّاجر الخيّر المرحوم حمّوده ابن الحاج أحمد بن محمد السّلّامي بتأسيس جامع اشتهر باسمه.
بدأ الشّروع في بناء هذا الجامع سنة 1779 ميلادي و انتهت الأشغال بعد ستّ سنوات أي في 1785 ميلادي و قد كان موقعه الأوّل قبل نهاية شارع الهادي شاكر بقليل كما أنّه كان يتكوّن من بيت صلاة و صحن به ماجل وقد هدمته الحرب العالمية الثانية فأعيد بناؤه أمام باب الدّيوان بأوّل شارع الهادي شاكر فإذا هو فوق المغازات التّجاريّة، يصعد إليه بأدراج رخامية و قد أثبتت فوق بابه لوحة رخامية نقش عليها: ” أسّس سنة 1791 ميلادي و جدّد سنة 1953 ميلادي “.
و ممّا يروى حول تأسيس هذا المسجد أنّ المرحوم حمّوده السّلّامي سافر إلى العاصمة ضمن وفد عن صفاقس لمقابلة الباي و عند وصوله إلى تونس انفصل عن رفاقه و ذهب إلى الميناء البحري فوجد حمولة باخرة خشبا معروضة للبيع بالمزاد فاشترى تلك البضاعة و باعها بأرباح باهضة من قبل أن يتسلّمها و قبض ماله فأفرد الرّبح عن رأس المال و عاد إلى رفاقه فوجدهم في حضرة الملك و لمّا انضمّ إليهم وبّخه الباي لأنّه تأخّر مفضّلا في ذلك التّجارة و الأرباح عن مقابلته فاعتذر المرحوم حمّودة السّلّامي قائلا: ” يا سيدي، لقد فعلت ذلك رغبة في توفير ربح لفائدة بلادي لأنّي عزمت على بناء جامع بباب البحر و برج حربي على شاطئه لحماية البلاد والحمد للّه قد بلّغني الله
المقصود و ما ربحته اليوم يكفي لذلك و ها هو بين يديك”، فشكره الباي و شجّعه