حول تجاوزات هيئة تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016 : بقلم المهندس المعماري محمد كريشان
لست أدري من المسؤول عن تعيين المهندسة المعمارية المكلفة بإعادة تهيئة فضاء الكنيسة بصفاقس ؟
فحسب تصریحات الإدارة العامة لبناءات المدنیة بوزارة التجھیز والإسكان فأنھا لم تكن طرفا في تعیین هذه المھندسة, في حین أنھا مدرجة في لائحة الحضیرة بل وفي الصدارة أيضا(موثق بالصورة) . أما المجلس الجھوي لولایة صفاقس فانه ينكر كذلك مسؤوليته عن ھذا التعیین . إذن لم يبق سوى الطرف الثالث و ھي “ھیئة تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية ” واذا كانت هي المسؤولة فعلا عن تعيين هذه المهندسة فیا خیبة المسعى . إذ كيف يعقل أن تسند التصرف في مشاریع الدولة التونسیة إلى لجان وھیئات ؟ فأين الدولة وأين هيبتها ؟
إني أود أن أوضح أن قيمة مشروع إعادة تھیئة الكنیسة إلى مكتبة رقمیة متعددة الاختصاصات يقدر بـ(18 مليون دينار) وهي – لعمري – قیمة خیالیة خاصة إذا علمنا أن مساحة الكنیسة لا تمسح سوى 1000 م2 , فهل يعقل أن تكون تكلفة المتر المربع الواحد حوالي 18000.000 دینار ؟ هل إن المواد المستعملة باهضة لهذا الحد ؟ هل ستطلى البناية بالذهب أم سترصع بالياقوت ؟
أتذكر أن جھة صفاقس حظيت منذ حوالي عشرين سنة بمشروع بناء مركب ثقافي ضخم بتصمیم جید في نطاق مناظرة وطنیة في الھندسة المعماریة بكلفة تقدر بحوالي خمسة وعشرين مليون دینار ولم ینجز منه إلا نواة صغیرة و ھو المركب الثقافي محمد الجموسي بتكلفة لا تتعدى المليون والنصف مليون دينار .
فهل أنّ التاريخ يعيد نفسه اليوم ؟ إن تكلفة إعادة تهيئة فضاء الكنيسة تكفي لبناء خمسة معاهد ثانوية مساحة الواحد منها 4300 متر مربع. كما أن 18 مليون دينار يمكن أن توفر لنا اعتمادات هامة لتوسعة المركب الثقافي محمد الجموسي بمساحة تقارب 9 ألاف متر مربع مما يمكن جهة صفاقس من حقها في أنشطة ثقافیة تليق بحجمها ومتطلبات سكانها .
ألم تقم الدنيا وتقعد حين تجاوزت إحدى الجمعيات حدودها في جمنة من ولاية قبلي وتصرفت في أملاك الدولة ؟ ألم تتدخل الدولة بكل ثقلها لإعادة الاعتبار لهيبتها ؟ فأين الدولة اليوم في صفاقس و في ھذا المشروع بالذات ؟ لماذا لم یحرك أحد ساكنًا ؟ أين الإعلام المعروف بالتنقیب في ھذه المسائل ؟ هل وجد نفسه الیوم أمام زمیلة مشرفة على ھذه التظاھرة , فخمدت ناره وسكت عن الحق ؟ من المسؤول عن ھذه الخروقات ؟ إن الدعوة موجهة خاصة إلى عمادة المھندسین المعماریین لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه ھذه التجاوزات . ولكل جمعيات المجتمع المدني لفضح هذه الممارسات والخروقات , وللدولة أخيرا لترشيد إنفاقها على هذه التظاهرة وغيرها .
بريد القراء : بقلم المهندس المعماري محمد كريشان