القراء يكتبون : صورة المسلمين في عيون الغرب بين الأمس واليوم
أنتم أمام صورة تاريخيّة معبرّة للغاية تعود إلى خريف 1945 م التقطت في احدى حفلات التكريم المقامة على شرف الجنود الأجانب الذين شاركوا في معركة دحر النازيين في فرنسا . أقيمت حفلات التكريم تلك بعد أيّام أو أسابيع قليلة من انتهاء الحرب العالميّة الثانيّة بسقوط برلين و القضاء على هتلر .
في هذه الصورة ، يظهر عدد من الجنود المغاربة الذين كانوا من طلائع جيش المقاومة و التحرير و قد ركنوا أسلحتهم جانبا ليقيموا صلاة الظهر أو العصر في احدى ساحات باريس الفسيحة أين أقيم حفل التكريم . والجدير بالذكر أن الجنود المسلمين من تونسيين و جزائريين و مغاربة لعبوا دورا كبيرا في حرب التحرير الفرنسيّة وكانوا بالفعل ورقة رابحة لأوروبا في حربها ضدّ النازيين وحلفائهم . ويظهر في الطرف الآخر من الصورة الفوتوغرافيّة عدد من الفرنسيين الذين حضروا مراسم حفل التكريم وقد اكتفوا بالانتظار في هدوء و احترام حتّى يتمّ هؤلاء المحاربون العرب صلاتهم في مشهد مهيب ينمّ على الاجلال والإكبار ..
في تلك الحقبة الزمنيّة ، لم يكن المسلمون ينعتون بالإرهابيين بل بالمنقذين ! فالنازيّون كانوا هم الارهابيّون لقتلهم الأبرياء وتعدّيهم على الأوطان وإبادتهم لليهود .. كما كانت أصابع الاتهام موجّهة أيضا نحو الأمريكيين الذين واصلوا قتلهم و تعنيفهم للسّود و إبادتهم للهنود الحمر بعد أن قضوا على الملايين منهم واغتصبوا أراضيهم.
كما ازدادت موجة الاحتجاجات ضدّ السياسة الأمريكيّة بعد إلقاء القنبلة الذريّة على هيروشيما و ناجازاكي باليابان و تعتبر تلك أفظع جريمة عرفها تاريخ البشريّة الحديث استعملت فيها كلمة إرهاب لأول مرّة في الاعلام السمعي و البصري . في ذلك الزمان ، لم يكن المسلمون في قفص الاتهام و لم يتّهمهم أحد بالإرهاب قطّ .. بل كان الرّوس هم الارهابيّون . فنعت الاتحاد السوفيتي حينها بالشيطان الأكبر و الخطر الأعظم على الديمقراطية و الحريات ، فيما كان مسلمو أفغانستان في حربهم ضدّ الرّوس رمزا للعزّ والحرّية و الكرامة .
ومن أفلام هوليوود النّاجحة في فترة السبعينيّات من القرن الماضي على سبيل الذكر لا الحصر فيلم “رومبو” للممثلّ المعروف “سيلفاستر ستالون” والذي يعتبر خير دليل على تلميع صورة المسلمين حيث يظهر المجاهدون الأفغان في دور المستضعفين و الشجعان في نفس الوقت ووجب دعمهم بالسلاح و المال لينتصروا على الرّوس ، هكذا استطاع صنّاع القرار أن يؤثّروا على الرأي العام و اقناعه بأنّ الشيوعيّة داء وجب استئصاله ليعيش الناس في خير و سعادة !
لقد كان المسلمون في ذلك الوقت من أبرز الحلفاء للغرب اللّيبرالي في صراعه البارد مع الاتحاد السوفيتي و كان يُعوّل عليهم لاستئصال المدّ الشيوعي “المقيت والجائر” في المنطقة .. فما الذي حصل في عصرنا الراهن ؟ ما سبب التحوّل الكلّي في التعامل مع المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها ؟ ما السرّ وراء هذه الـ”بروباجندا ” المجنونة و الحملة الاعلاميّة المسعورة التي ما فتئت تُشيطن الاسلام والمسلمين هنا وهناك ؟ من المستفيد من كلّ ذلك يا ترى ؟ تبقى كلّ تلك التساؤلات قيد الدراسة لعلّنا في يوم من الأيّام نكشف النقاب عن المؤامرة الكبرى التي تُحاك في الخفاء وبين الكواليس لتشويه الدين الاسلامي الحنيف مستغلّين ما يحدث من جرائم و تفجيرات دمويّة بعيدة كلّ البعد عن ما هو إسلامي .. فالإسلام براء من كلّ هذا و هم أوّل من يُدرك ذلك
رازي ذويب