من العادات : “العولة” أو ما نسميه “فتلان النعمة”
في الماضي القريب كان هذا الحدث يمثّل احدى المحطّات الرئيسية لكلّ اسرة تونسية وهو يمثّل أيّام فرح ونشاط وحركية داخل المنزل …حيث يصبح وسط الدار في شكل خلّية نحل تعمل على امتداد عدّة أيّام لاعداد العولة السنوية والاحتفاظ بها على امتداد الموسم الموالي …
الكسكسي …المحمّص …البرغل …التشيش …الزمّيط …وغيرها من المشتقات يقع اعدادها بطريقة تقليدية ويقع خزنها داخل جرّات خزفية قابلة لمقاومة ارتقاع الحرارة والمحافظة على خصائصها الغذائية من خلال حفظها في بيت “المونة ” أو بالدهاليز الأرضية ….
للّة البيّة وللّة عيشوشة وللّة فطّومة وللّة رقيّة وللّة خدّوجة وللّة منّانة وغيرها من الأسماء التي لاتزال ترنّ في ذاكرة كلّ شخص عايش تلك الفترة وعي تعتبر عرسا مصغّرا يجمع بين هؤلاء النسوة المختصّين في اعداد العولة وبين ربّات البيوت …هذا الاحتفال يسير وفق برنامج يقع الاتفاق عليه مسبّقا ويرافقه اعداد شتّى انواع الأكلات الصيفية للتعبير عن الفرحة …
للأسف الشديد هذه العادات في طريقها للاندثار ولم يبقى منها سوى بعض العائلات التي تحافظ على اعداد بعض الأنواع من العولة نظرا لأنّها تباع في الأسواق بدون اتقان ولا نكهة مثل الزمّيط والبسيسة …
اليوم مدام هيفاء ومدام سيرين ومدام صابرين ومدام فاتن ومدام رملة …أصبحوا يعدّون العولة من الانترنات وأصبحوا يتسابقوا في طريقة التقديم لدرجة أنّ الكسكسي أرادوا تغيير تقديمه بما يسمّوه الحداثة ….
فبين أمّهاتنا وبين ربّات المنازل اليوم محطّة لايعرف سرّها سوى من استمتع بالنزول للدهليز رفقة أمّه وكلّ من يحتفظ بأدوات العولة ” الجفنة والغربال وطاجن كبير لتحميص الشعير “
محمد الحمامي