ولا يتوقف التضخم المالي عن ملاحقة سلة المواطن : بقلم جيهان مقني
يعتبر التضخم المالي احد أهم المؤشرات الاقتصادية باعتباره معيار يمكننا من تحديد مناعة الوضع الاقتصادي، مثله في ذلك كمثل أية حالة آو ظاهرة اقتصادية. و لا يعتبر حالة مرضية إلا بعد أن يتجاوز حد معين كما لايعتبر حالة صحية إذا انخفض لمعدلات متدنية. و المعروف أن التضخم مؤشر تكمن خلفه عدة معطيات قد تكون ايجابية و قد تكون سلبية و بالتالي فان السيطرة و التحكم فيه قبل أن يصل إلى معدل الخطورة ما هو إلا تصرف رشيد من طرف الدولة.
و يتضح أن ظاهرة التضخم في تونس تتسم بالدوام و التأصل على مستوى القدرة الشرائية و من هنا يمكننا القول أن تداعياتها قد تكون خطيرة لا فقط فيما يتعلق بمنظومة الطلب بل كذلك فيما يخص النمو الاقتصادي و التأثير على مستوى الاستثمار. وفي هذا الصدد ارجع العديد من الخبراء تفاقم التضخم إلى ارتفاع التصدير العشوائي و تكثف الاختلال بين العرض و الطلب للعديد من المواد المستهلكة محليا كالخضر و الغلال و بعض المواد المدعومة.
و يعتبر التضخم في تونس في الظرف الحالي تضخم مفتوحا حيث تنحصر نسبة ارتفاع الأسعار بين 5 و 10 بالمائة سنويا مع ملاحظة بعض الحالات التي تصل فيها هذه النسبة إلى 20 بالمائة. علما أن المؤشر المفصح عنه من قبل المعهد الوطني للإحصاء ليس له أي علاقة واقعية بالنسبة للارتفاع الفعلي لأسعار المواد الاستهلاكية.
بصفة عامة يعرف التضخم على انه ارتفاع شامل و عام لأسعار السلع و الخدمات و تقاس نسبته حسب التطور السنوي للأسعار يكون نتاج لعوامل اقتصادية متعددة قد تكون متعارضة فيما بينها، فالتضخم ظاهرة معقدة و مركبة و متعددة الأبعاد في آن واحد، فالتضخم ينشا بفعل عوامل اقتصادية مختلفة و من ابرز هذه الأسباب:
- تضخم ناشئ عن التكاليف: ينشا هذا النوع بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج في الشركات الصناعية مثل ارتفاع الأجور.
- تضخم ناشئ عن الطلب: ينشا هذا النوع عند زيادة حجم الطلب و الذي يصاحبه عرض ثابت من السلع و الخدمات.
- تضخم ناشئ عن ممارسة الحصار الاقتصادي من قبل قوى خارجية و نتيجة لذلك ينعدم الاستيراد و التصدير مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة و ارتفاع الأسعار.
- تضخم ناشئ عن زيادة الفوائد النقدية مقارنة بقيمتها الإنتاجية الحقيقية.
وغالبا ما يترتب عن ارتفاع معدلات التضخم أثار اقتصادية وخيمة و مؤثرة في مسيرة التنمية ويكون ذلك عند ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية من خلال تدهور القيمة الشرائية، و بذلك يكثر الطلب على رأس المال، فينتج عنه انخفاض القدرة التنافسية للمتوجات الوطنية في الأسواق الدولية، ثم زيادة المدفوعات مقابل الإيرادات و بالتالي عجز في الميزان التجاري.
و أمام هذه الوضعية فان تقوية القدرة الإنتاجية للفلاح لضمان تموين الأسواق من جهة و تكوين مخزون تعديلي من جهة أخرى بالنسبة لبعض المواد الاستهلاكية على غرار الحليب و اللحوم و ذلك بغرض مكافحة المضاربة و الانحرافات السعرية، تعتبر من أهم الإجراءات العاجلة لتعديل التضخم.
كما تعتبر أيضا سياسة مكافئة الادخار لدى البنوك و مجابهة التهريب من الآليات الناجعة لمكافحة التضخم و ضمان الاستقرار النسبي لأسعار الاستهلاك.
بقلم جيهان مقني