صفاقس : مصانع “الفيتورة” والمنطقة الصناعية في عقارب تنبئ بكارثة بيئية ستضرب الأرض والهواء والإنسان
منذ سنوات ومعاناة المواطنين في معتمدية عقارب تتفاقم نتيجة مخلفات مصانع “الفيتورة” والمنطقة الصناعية والتي اجتمعت كلها علي تزويد المناخ والسكان بالسموم والغازات السامة والروائح الكريهة والمياه العادمة و المواد الكيميائية المنبعثة منها.
فالمصانع المنتصبة بالجهة لا تكتفي بنشر السموم بالهواء بل تقوم كذلك بالتخلص من مخلفات منتجاتها في الحقول المجاورة و المحمية الطبيعية ب”القنة” إذ تم ضبط اكثر من شاحنة محملة بمخلفات صلبة وسائلة تلقي بشحناتها في الحقول والأراضي الزراعية، والتي تشكل خطرا على المياه الجوفية والأراضي الزراعية للمواطنين، اضافة الى المخلفات الغازية والتي تتمثل في الدخان المنبعث من هذه المصانع، والتي تشكل غيوما سوداء في سماء معتمدية عقارب وفي المناطق القريبة من المنطقة الصناعية.
وهذا ما يبرر عودة ملف التلوث البيئي بعقارب ليطرح نفسه من جديد بكل قوة خاصة بعد إعادة فتح مصانع ”الفيتورة” المنتصبة بالجهة وإعادة تشغيلها استعدادا للاستقبال مادة ”الفيتورة” من معاصر ولاية صفاقس وهو ما يعمق جراح أهالي معتمدية عقارب باعتبار أن هذه المصانع لا تحترم البيئة ولها تاريخ أسود وسيئ لدي المواطن “العقربي” جراء سوء تصرفها اتجاه محيطها فهي لا تحترم البيئة ولا تمتلك أدني مستويات المحافظة عليها و يتمظهر ذلك في القاء مصنع ”الفيتورة” مادة”المرجين” في الحقول والمزارع المجاورة الي جانب روائح الأبخرة المنبعثة منها والانعكاسات السلبية التي تنتج عنها وأثرها على صحة الانسان والتنمية الشاملة باعتبار أن ادخنة مصانع ”الفيتورة” تتسبب بأمراض مختلفة للإنسان، مثل أمراض الربو، والتهابات الجهاز التنفسي، وسرطان الرئة فمادة ”المرجين” المستخلصة من عصر الزيتون مادة ملوثة لاحتوائها على مادة ”البوليفينول” والأملاح، إضافة إلى حموضتها المرتفعة ورائحتها الكريهة، لذلك يصعب التخلص منها.
وأكبر مثال على ذلك ما تعيشه بعض الأحياء السكنية المتاخمة لهذه المصانع من احتقان وغضب بسبب تردي الوضع البيئي والوضع الصحي للأهالي مثل منطقة العرايش والمراعنية وحي الخضراء وهو أكبر حي شعبي بالمعتمدية الواقعة جنوب ولاية صفاقس والتي تستقبل يوميا الروائح والأبخرة الحاملة لغاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج من احتراق مادة ”الفيتورة” في الهواء حاملة معها الموت البطيئ الذي يختطف سكان الأحياء المنكوبة بمعدلات متسارعة، وحاملة كذلك الأمراض السرطانية الخبيثة للأهالي شيبا وشبابا.
وقد واصل المتابعون للشأن البيئي ومكونات المجتمع المدني تأكيدهما على ضرورة إيقاف النزيف واتخاذ قرارات جريئة وردعية ضد ما أسموه الاستهتار البيئي المتعمد .
من جهة أخري، أكد عدد من الناشطين في المجتمع المدني بعقارب أنهم قد نبهوا مرارا عديدة الى الوضع البيئي الحرج الذي تعيشه معتمدية عقارب وولاية صفاقس ككل، باعتبارهم طالبوا السلطات المحلية والجهوية بالتدخل العاجل و النوعي لوضع حد لمعاناة المتساكنين و تمكينهم من العيش في بيئة سليمة الى جانب حقوق الأجيال القادمة،حيث نص دستور 2014 صراحة على حقوق الأجيال القادمة باعتبار أن الدولة تضمن الحق في بيئة سليمة ومتوازنة، خاصة وان تونس قد أمضت اتفاقيات وبروتوكولات دولية كاتفاقية لندن سنة 1973 واتفاقية برشلونة لسنة 1976 وغيرهما من الاتفاقيات التي تنص على ضرورة حماية المحيط من التلوث بأنواعه والتعاون للتصدي للتلوث الي جانب انطلاق العمل بجهاز الشرطة البيئية في تونس مما مكنها من أخذ دور الريادة في هذا المجال أيضا مقارنة بالدول المجاورة.
فاخر بن عبد القادر