سيفاكس آرلاينز .. مظلمة رجل أم مظلمة جهة ؟ بقلم حاتم الكسيبي
لم يكن محمد الفريخة الابن البار لصفاقس يوما ما محل شكوك أو اتهام أو استهجان قبل أن يدخل عالم السياسة الوطنية. كان ابن المدينة التي احتضنت صباه قبل أن يتميّز في عالم العلم و الأعمال و يثابر علىسيفاكس الانتاج ، رأسماله في ذلك المادة “الشخمة” كما يقال. تروي أقاويل المدينة أن عصابة الأصهار قدّموا له ذات يوم قبل الثورة عرضا بخسا لمشاركتهم له “تلنات” فأجابهم بفطنة الواثقين أنه يشتغل بالمعرفة المحصّلة عبر سنوات الدراسة و أنّ الأمر لا يقيّم بالمال فان كان لديهم ما يدلون بدلوهم في الميدان فمرحبا. هنالك انصرف من كان عالة عن النظام وعن الدولة والمجتمع و عاد عن غيّه في استلاب الرجل.
كان ظهوره السياسي قبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية ملفتا للنظر و نقطة الفرقة بين وجهتي نظر انتشرت بسرعة تدفّق النات حيث انقسمت الآراء داخل الجهة وخارجها فاختلف القوم بين مرحب ومنكر و متربص لأي هفوة فان لم تكن هناك هفوات فهناك طرق عدّة لاختلاقها و اغراق عالم الاعلام بالأخبار الزائفة و التصريحات المنقوصة التي اجتثت من مصدرها للتشويش على الرجل و شركاته ونجاحه في عالم الأعمال. لقد اضحى مطار صفاقس- طينة أو “صفاقس المعو” كما يحلو لقمرة قيادة بعض الطائرات أن تسميه عند الاستعداد الى النزول، محركا أساسيا للسياحة و دافعا هاما من دوافع ازدهار ميادين الأعمال والمال لا سيّما و الناس يقصدونه من مختلف أنحاء العالم عبر شركة طيران تتخذه مقرا لها كما انّها تسهم في النقل الداخلي بين المدن أي مطارات المنستير و جربة و بالطبع تونس قرطاج القلب النابض لأغلب تجارتنا وسياحتنا ومبادلاتنا الجوية.
أسست شركة الطيران سيفاكس بُعيْد الثورة بكراء طائرتين سماهما الفريخة الحرية و الكرامة أسوة بالثورة التونسية التي و قف العالم الحر بأسره اجلالا وتقديرا لها. لم يمر العام الأول حتى استأجرت سيفاكس آراينز طائرة الآيرباص 330 لتنطلق مرحلة أخرى من الوجهات البعيدة ولعل أبرزها مونريال. لكن الحلم الصفاقسي لا يدوم اذ انتفض مساهمي الشركة ضد الرجل لما أعلن عن ترشحه ضمن قائمة النهضة في صفاقس وتهاوت أسهم الشركة الى ما يقارب النصف في بورصة تونس ثم استقدم مدير شركة آير فرانس السابق ليترأس الشركة الوليدة والتي أضحت تعاني من غدر بعض مساهمي الشركة و عدد لا بأس به من عمالها الذين سارعت لهم يد الاعلام المسيّس ليعبث بمطالبهم فتنطلي الحيلة و تسقط الشركة في عالم التقاضي.و تعلق كامل نشاطها الداخلي والدولي ليأفل حلم رجل وحلم مدينة بأسرها كانت ولا زالت تنظر الى أعلى حيث لا يغريها السراب.
و حتى يعلم الجميع أن الحملة التي تشنها أطراف سياسية على شركة سيفاكس و لعل أبرزها كتلة الحرة المنظوية تحت سقف حركة مشروع تونس،لم تكن وليدة الأيام الفارطة فقط بل انطلقت ابان تشكيل الحكومة الأولى بعد انتخابات 2014 التي ترأسها الحبيب الصيد. هناك انتقدت الحكومة نقدا لاذعا لتخصيصها مجلسا وزاريا للنظر في الأزمة التي تعيشها سيفاكس وكأن المطلوب اخماد أنفاسها الى الأبد. هنالك تسربت الأوراق التي صار بعض النواب على مراد الله ينشرونها على الفايسبوك و كأن الأمر مجرد رأي بل ايعاز للايقاع بحلم جهة بأسرها بعد ان أطلقت جناحيها لسماء ملبدة بملوثات مصانع تكرير الفسفاط و عانقت العالم الخارجي وعرّفت بالوطن أولا والجهة ثانيا.
الجهة أجمعت على أمانة الرجل و حسن سيرته الأخلاقية و المالية قبل و بعد الانتخابات لا سيما وهو حديث عهد بالسياسة ولا يخوّل له نشاطه في الميدان كل هذا الكم من النفوذ و ما يليها من اتهامات بالفساد و والمحسوبية وغيرها مما اعتدنا على سماعه تجاه الخصوم السياسيين لا سيما النهضة التي أضحت جزءا من معادلة الانتقال والاستقرار الديمقراطي في البلد. الخشية كل الخشية أن ترتد الاتهامات على أصحابها حين يخوض القضاء بروح استقلالية كما عهدناه بعد الثورة فيكشف الأكاذيب ثم تعود وبالا على أصحابها كما وقع في قضية مطار قرطاج للأمني المعروف عبد الكريم العبيدي الذي برّأ القضاء ساحته من كل التهم بل انطلق في سلسلة تتبعات قانونية لكل من افترى على الرجل وعلى أخلاقه و إخلاصه لوطنه ولسلكه الذي ضمه لسنوات طوال قبل وبعد الثورة. لكن السؤال الذي يزعج البعض فلا يغادر أفئدتهم و يهمسون همسا ساعة الاجابة : هل جهة صفاقس في غنى عن شركة طيران تحرك دواليب الجهة والجنوب والوطن بأسره في ظل اقتصاد يكاد ينهار في ظل غياب الاستثمار؟
بقلم حاتم الكسيبي
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي “موقع تاريخ صفاقس”، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد لأي كان.