القراء يكتبون : من سينتصب في ساحة باب الجبلي ؟
بين النَّصَب و النَّصْب و النُّصُب تاهت مدينتنا الحالمة اذ عانت وتعاني و ستعاني تبعات التهميش و هواية الرّكوع الي صاحب القرار من دون ربّ العالمين. مدينتنا تعاني الانتصاب بمعانيه المتعددة حيث كابدت الانتصاب الفوضوي قبل وبعد الثورة والانتصاب العشوائي لمآوي السيارات و للباندية المنتشرين حولها برتبة “عساسة” واليوم انتصاب التماثيل أو النصب أو المجسّم أو الصّنم في ساحة باب الجبلي، سمّها ما شئت فهي دخيلة على عادات هذه المدينة وان كانت تكنّ للفن ولأهله الاحترام والتقدير. لا ننسى أن صفاقس بقيت بعيدة عن هذا التقليد الغريب سنوات الاستقلال الأولى اذ غابت عن المدينة هاته النُّصب بل جُعلت أمام قصر البلدية زيتونة مباركة لسنوات طويلة بقيت صامدة حتى استفحل الاستبداد فجاؤوا بنصب للزعيم الراحل وهو يمتطي حصانا فرُكّز مكان الزيتونة ونال امتعاض العديد من الأهالي.
باب الجبلي يا سادة هو الممول الرسمي لكوجينة اهل البلد اذ يقع هناك “بانتغون” صفاقس المتمثل في سوق الحوت الذي يأويه أهل الديار والزوار من الداخل ومن الخارج فيمتنّون لحركته الغير الاعتيادية و يشعرون بالغبطة لما يحويه من باعة و بضاعة وأناس لا يشترون الا بعد دورة أو دورتين للسوق حتى يتقيّنوا من جودة السمك و من سعره المقبول. لم تفلح البلدية عبر الأزمان أن نجحت في مشروع آخر غير هذا السوق العظيم اذ هجر الناس الحديقة المركونة بجانبه والمأوى المحاذي الذي قد تجده مغلقا في عزّ أوقات العمل. رّبما تكون قد نجحت نسبيا في محطة التاكسيات التي اتخذت مساحة من الحديقة المتروكة فنظمت بذلك قطاع النقل نوعا ما و أرشدت السوّاق و الراكبين إلى مدنيّة مفقودة عبر عشرات السنين.
لننظر الى الجانب التاريخي فحسب ولننسى الجانب الديني الذي فيه أخذ و ردّ ثمّ نعمّق النظر للعمل الفنّي و التماثيل التي تنصب هنا وهناك. أمّا الجانب التاريخي فيطرح أسماء عديدة لمشاهير قد تزيّن ساحة باب الجبلي فتلقى استحباب الجميع كما حدث ساعة تركيز نصب اللاعب الشهير حمادي العقربي شفاه الله وحفظه. ليكن نصبا للشهيد الهادي شاكر أو للزعيم الشهيد فرحات حشاد، كلاهما قاوما الاستعمار و نالا الشهادة في فجر الثورة التونسية الأولى و لكنّ ممحاة الاستبداد حاولت بكل الجهود فسخ مآثرهم و مناقبهم لولا حبّ الأهالي لهم وتعلقهم بشخصيتيهما. ليكن أيضا مجسّما للزيتونة المباركة التي يسترزق منها عديد الأهالي و يتخذونها عنوانا للأمل والفلاح. ليكن مجسّم للصيد البحري و البحر الذي حرم منه الأهالي لعقود جرّاء سياسة استبدادية لا تأبى بالمواطن و صحته و قوته ومشاغله مقابل الاملاءات الخارجية. كان الله في عون هذه النيابة الخصوصية التي خصصت أعمالها لبضع شهور وأغلب الظن أنّها ستستمرّ لسنوات حتى تتم تنصيب نُصبها و لا تهتم بأشغال المترو المنتظر و لا المحولات الثمانية الموعودة، هكذا تذهب أموالنا في ما لا نستحق و تمرح هي بتماثيلها في عالم السياسة والمال والأعمال.
أبو مازن ( القراء يكتبون )