أيام وصفاقس دون ماء .. هل تجوز الديمقراطية بالتيمّم ؟ : بقلم حاتم الكسيبي
يوم ثالث تعيشه صفاقس دون ماء وربما غيرها من مدن الجمهورية الحالمة بالديمقراطية بعد ثورة الحرية والكرامة. يوم ثالث تأبي فيه قطرات الماء ان تتساقط من الحنفية مهما اغتاظ المواطن وهو يدير الصنبور دون جدوى فلا يغتسل ولا يحلق ولا ينظف أسنانه بل قد لا يشرب ان كانت الصوناد مورده الوحيد من الماء.
الله غالب… ! ! هذا عطب قد يكون حصل فجأة، هكذا ستجيب الصوناد ولكن تواتر مثل هذه الحوادث كل سنة وخصوصا في مستهل شهر الصيف يثير التعجب و الاستغراب، اذ تغيب الدراسات الاستراتيجية في مثل هذا القطاع الحياتي فلا تتخذ الإجراءات بالمسبق و لا تستعد فرق العمل للتدخل ساعة العطب لإصلاحه في أقل وقت ممكن. السؤال الذي قد يطرح في هذا المجال فيفحم الصوناد و المدافعين عنها: اذا كانت صفاقس مدينة كبيرة نسبيا و الساهرون على قطاع الماء قد اتخذوا كافة الاحتياطات فلماذا لا يحدث مثل هذا العطب في تونس الكبرى فيمتد الى أيام و ربما لأسبوع بأكمله ؟
رحم الله الأمير الناصر الموحدي الذي اتخذ تخطيطا استراتيجيا ليحل مشكلة الماء بصفاقس فشيد الناصرية التي بقيت الى اليوم تحمل اسمه وهي عبارة على مواجل تحفظ الماء طيلة السنة فيرتوي منها اهل المدينة بأسرها أيام الجدب والرخاء. قيل أن صفاقس كانت تفتح كل يوم ماجلا للتزود بالماء فلا ينتقص سكانها من شيء و تروى البهائم فتدب الحياة كل يوم بوتيرة تليق بعصرهم و ديمقراطية عهدهم.
اليوم نعيش بعد الثورة ديمقراطية كانت تحبو واليوم أضحت يافعة نشاهدها رأي العين في حواراتنا و قنواتنا و أغلب اجتماعاتنا وتجمعاتنا، ولكن هل تجوز الديمقراطية لمجتمع يفتقد الماء؟ أو هو مهدد بافتقاده في كل لحظة ؟ وهل نلجأ الى التيمّم ونحن عطشى حتى نمارس الديمقراطية؟ أسئلة عديدة قد لا يجيب عنها السياسي الذي حتما سيتلعثم ولا الشيخ في محرابه لأنه سينكرها عن موروثنا الحضاري . فأي ديمقراطية تمارس والناس عطشى ؟ أفيدونا يرحمكم الله.. !
بقلم حاتم الكسيبي