الشرمولة والحوت المالح: عادة غذائية راسخة لدى العائلات الصفاقسية للاحتفال بعيد الفطر
“لا معنى لعيد الفطر دون الشرمولة والحوت المالح ولا غنى عنهما مهما كانت التكاليف” هكذا عبر معظم من استجوبتهم مراسلة (وات) رجالا ونساء من مختلف الأعمارهم عن مدى تعلقهم وحبهم لهذه العادة الغذائية في عيد الفطر إذ أن “الشرمولة والحوت المالح” وجبة دأب أهالي صفاقس على أكلها يوم عيد الفطر منذ عهود خلت، لتتحول من عادة غذائية راسخة لدى العائلة الصفاقسية إلى تصنيفها ضمن الموروث الثقافي والغذائي لجهة صفاقس.
لقد انطلقت منذ العشر الأواخر من شهر رمضان في سوق الأسماك البلدي بمدينة صفاقس عمليّة بيع الأسماك المملّحة بالمزايدة العلنيّة “الدلالة” حيث شهدت هذه العملية عموما إقبالا كبيرا من المستهلكين.
في المقابل فإن أغلب العائلات الصفاقسية قد دأبت منذ عهود بعيدة على شراء هذه الأسماك طازجة منذ الأيام الأولى من حلول شهر رمضان بل حتى قبل شهر رمضان ليقع تشريحها وتمليحها بداية من النصف الثاني من شهر رمضان ” وذلك تفاديا للترفيع في ثمن الأسماك المملحة عن المزايدة والغش الذي قد يتعمده بعض التجار في عرض أسماك مجمدة فاسدة” بحسب ما صرح به عدد من المواطنين لمراسلة (وات) لدى قيامها بجولة داخل السوق البلدي للسمك بصفاقس.
ولاحظت المراسلة بالمناسبة ارتفاع أسعار الأسماك المملحة والطازجة مما قد يوحي بأن عادة اقتناء السمك المالح في صفاقس قبل عيد الفطر في طريقها إلى الزوال غير أن العديد من المواطنين أكدوا تشبثهم بهذه العادة رغم ما التمسوه من ارتفاع في الأسعار “صحيح هناك ارتفع في أسعار الأسماك مع اقتراب عيد الفطر ولكن الحوت المالح لا يمكن الاستغناء عنه وكل قدير وقدره” حسب ما قال أحدهم.
وعند الحديث عن الاحتفال بعيد الفطر في صفاقس فإن أول يتبادر الى الذهن طبق “الشرمولة” الشهير المميز بمذاقه الحلو بسبب كثرة الزبيب المستعمل أثناء الطهي الذي يتناوله الأهالي صباح يوم عيد الفطر مع “الحوت المالح” كما يحلو لأهالي صفاقس أن يسمونه ويكون عادة من الأسماك الجيدة وكبيرة الحجم مثل “المناني” و”البوري” و”الغزال” و”الكرشو” و”القراض” والحناش” و”الشلبوط” و”الفار” و”التن” إضافة إلى “الباكلاو” الذي يقع استيراده بكميات وافرة من النرويج قبل العيد لتعديل السوق.
وينطلق إعداد طبق الشرمولة الصفاقسية قبل أيام قليلة من حلول عيد الفطر حيث تقوم النساء بتنقية كمية من “الزبيب” ( العنب المجفف) من الشوائب ثم يقع رحيه مرتين ليستخرج منه مربى أو عصير يضاف إلى كمية كبيرة من البصل المقلي في زيت الزيتون وغيرها من البهارات مثل شوش الورد والقرفة والكبابة أو ما يعرف لدى الصفاقسية ب”رأس الحانوت”، ثم يترك الخليط كله في قدر يطهى على نار هادئة لمدة ثلاثة أو أربعة أيام حتى يصبح لونه عسليا داكنا أو باهتا حسب نوعية “الزبيب” المستعمل.
وتقوم النساء خلال ليلة العيد بوضع ما تيسر لها اقتناؤه من أسماك مملحة في إناء كبير من الماء بعد أن يتم تنظيفها وإزالة ما علق بها من الملح لتطبخ صبيحة يوم العيد في الماء الساخن وبعد صلاة العيد يلتف أفراد العائلة الصفاقسية حول المائدة لتناول أكلتهم الشهيرة “الشرمولة والحوت المالح” عبر غمس رغائف الخبز في “الشرمولة” وأكل رقائق من السمك المملح .
تحرير هادية بوصرصار / وات / مكتب صفاقس