وقائع تتكلم من التاريخ الحديث: هل انفصلت صفاقس في الماضي عن السلطة وفي أية ظروف ؟
يدور الحديث في صفاقس في غضون الاحتجاجات والاحتقان التي تشهده بسبب سوء الاوضاع البيئية والاقتصادية في المدينة عن وقائع تاريخية قديمة تؤكد أن صفاقس قد انفصلت عن السلطة المركزية. فما حقيقة هذا الحديث وكم مرة انفصلت؟ وفي أية ظروف؟
لن نسرد وقائع قديمة تهم العصر الوسيط لان ضروفه السياسية تخلف كثيرا عما نعيشه الآن وتجعل من انفصال والي بمدينة صفاقس عن الحكم المركزي سهل التطبيق وبمدة طويلة نسبيا وقد حصل هذا عدة مرات. لذلك سنركز عما وقع في تاريخنا الحديث أي منذ بداية القرن 16.
- انفصال صفاقس من حوالي 1535 إلى 1555: تعرف هذه الفترة بثورة المكني الذي كان رايس بحر قاد ثورة كبيرة أسقطت الوالي الحفصي الظالم و أعلن انفصال صفاقس عن حكم تونس الذي كان يعيش أحلك فتراته بعد الاستنجاد بالأسبان. وحكم المكني صفاقس بالحكمة والعدل وكان محبوبا بين الناس إلى حين قدوم جيوش الأتراك إلى صفاقس بقيادة درغوث باشا. وأعلن المكني ولاء صفاقس للأتراك وأصبحت صفاقس تابعة لإيالة طرابلس العثمانية قبل إرجاعها إلى تونس سنة 1574.
- انفصال صفاقس بين ماي وأكتوبر 1864: إثر ثورة على بن غذاهم على ظلم الباي قامت ثورات في عدة مدن أخرى منها صفاقس. حيث أعلن الثوار انفصالهم عن سلطة الباي وكونوا حكومة شعبية يرأسها علي دريرة المشهور بالباي عسل. ولكن لم تدم طويلا بعد هجوم القبائل المحيطة بصفاقس على الأجنة وعاشت المدينة حصارا صعبا وتمكنت سلطة الباي من استرجاع المدينة.
- انفصال صفاقس بين ماي وجويلية 1881: بعد أن أمضى الباي معاهدة باردو في ماي 1881، ثارت مدينة صفاقس واعتبرت ذلك خيانة. وتكونت لجان شعبية للمقاومة في صفاقس يساندها علي بن خليفة وعدة قبائل. وأعلنت الانفصال عن سلطة الباي والتبعية للسلطان العثماني وترأس المقاومة محمد كمون الذي اشتهر بالباي كمون. وانتهت الثورة باحتلال فرنسا لصفاقس يوم 16 جويلية 1881.
نستنتج من هذه الوقائع التاريخية أن صفاقس انفصلت ثلاث مرات في العصر الحديث في ظروف ثورات شعبية على ظلم الحكام والولاة.