حاتم شبشوب ( المدير العام للمعامل الآلية بالساحل ): “رغم الظروف الاقتصادية نجحت شركتنا في استعادة توازنها”
بعد أن عرفت صعوبات اقتصادية عدّة تمكنت شركة المعامل الآلية بالساحل المنتمية إلى مجمع الوكيل من تجاوز العقبات وحققت ما يشبه المعجزة من خلال نسبة نموّ بلغت 125 بالمائة في رقم المعاملات سنة 2018 . كما تمكنت أيضا من خفض ديونها لدى البنوك وتجاوزت مشكلا آخر كان يؤرّق مسؤوليها وهو المنتجات المقلدة التي تباع باسمها وتحت علامتها مع الفارق الواضح في التصنيع والجودة .
وحتى نفهم التفاصيل التي حفّت بهذه ” المعجزة ” كان لنا لقاء مع المدير العام للشركة حاتم شبشوب الذي أسرّ لنا بكل ما عنده .
في البداية هل لنا أن نعرف من هو حاتم شبشوب ؟
أنا حاتم شبشوب حاصل على ماجستير في المالية التصرف وإدارة المخاطر. تكويني الأساسي كان في المحاسبة حيث تخصصت في المالية وإدارة المخاطر. شغلت عدّة مسؤوليات خاصة على رأس شركة متخصصة في تطوير البرمجيات . بعد ذلك التحقت بشركة متعددة الجنسيات وعملت أيضا مديرا عاما بأحد البنوك . إثر ذلك وفي فترة لاحقة حططت الرحال بشركة طيران في خطة الرئيس المدير العام . وها أنا اليوم في خطة مدير عام بالمعامل الآلية بالساحل وأمامي أهداف جديدة وتحديات أيضا جديدة .
يبدو أن الشركة حققت نموّا معتبرا في رقم معاملاتها فكيف يمكن أن نرى حقيقة الصورة ؟
مع نهاية الثلاثي الثاني من سنة 2018 سجلت شركة ” المعامل الآلية بالساحل ” ارتفاعا في رقم معاملاتها من 2 مليون دينار سنة 2017 إلى 5 ملايين دينار سنة 2018 أي ما يعادل نموّا بنسبة 125 بالمائة .
وبالرغم من الظرف الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد خلال السنوات الأخيرة فقد نجحت الشركة منذ اقتنائها سنة 2008 في مضاعفة رأسمالها الخام تقريبا إذ مرّ الرقم من 16 مليون دينار إلى حوالي 32 مليون دينار. كما نجحت الشركة في توسيع مجموعة منتجاتها في ما يتعلّق بالحنفيات من خلال إدماج ” حنفيات الغاز ” والحلّ الكامل لإمدادات المياه للحنفيات وللربط وعداد الماء أيضا بالإضافة إلى تطعيم مجموعة الحنفيات الصحية بصمامات خلط جديدة متوسّطة أو رفيعة الجودة . وقد عرف نشاط الأدوات المنزلية من ” الإينوكس ” تطوّرا في مجموعته من خلال تحديث طواقم الطاولة بإضافة طواقم رفيعة الجودة فضيّة أومذهّبة ومن خلال توسيع مجموعة المقلاة والقدور وإضافة ” الكوكوت السريعة de tour 4/1 ” ومجموعات من المقالي الملونة .
كيف تفسّر هذا الأداء المفاجئ وغير متوقع ؟
لقد كنت مقتنعا منذ قدومي على رأس الشركة بأنها تملك إمكانيات نموّ كبيرة وهامّة وأنها لا بدّ أن تقتلع المكانة التي تستحقّ في السوق . ولتحقيق ذلك وجّهت كل إحساسي بالتفاني والمسؤولية من أجل أن نهب للشركة ما هي في حاجة إليه وأن نأخذ منها كل ما تستطيع تقديمه . ونشكر الله على الوضعية الحالية للشركة وبكل تأكيد ننتظر مفاجآت أخرى . وقد أعطى كل هذا نتائج إيجابية إذ سجلنا نسبة نموّ بنحو 151 بالمائة في قيمة العمل المنتهي خلال الثلاثي الثاني من سنة 2018 مقارنة مع نفس الفترة سنة 2017 . وهذا النموّ في رقم المعاملات والتحسن في الآداء ليسا سوى ثمرة لعمليات الاتصال وعمليات الاستكشاف والتطوير والاستثمار التي تمت برمجتها وتم تحقيقها بواسطة فريق أعمال جديد يحمل وبرؤية جديدة وتناغم تام مع تام مع برنامج التطوير لمجمع الوكيل منذ اقتناء الشركة سنة 2008 . ولا ننسى أيضا أن الشركة راكمت تجربة هامة في مجال تصنيع وربط الماء وإيصاله وقد تمكنت سنة 2015 من عرض تجربتها الخاصة المتكاملة في هذا المجال الذي يذهب من الربط المجرّد إلى عدّاد الماء مع القراءة عن بعد (télérelève) . وقد جنت الشركة ثمار هذا النجاح التقني للتطوير من خلال الفوز مرتين متتاليتين بأسواق الربط بالماء مع الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه بالإضافة إلى أنها نجحت في الحصول على طلبيات كثيرة من قبل بعض البلدان الإفريقية جنوبي الصحراء في خصوص منتجات الربط بالماء .
من ناحية أخرى ساهمت استراتيجية الشركة المتعلقة بنشاطيها في مجالي الحنفيات واللوازم المنزلية من مادة ” الإينوكس ” بشكل واضح في تحسين الجودة وتعزيز سمعة منتجات ” AMS ” في السوق المحلية والسوق الإفريقية . وفي ما يتعلّق بالجودة فقد بذلت الشركة خلال الثلاثي الأول من سنة 2018 الجهود اللازمة في تجديد حيازة شهادة ” إيزو 9001 ” ( نسخة 2015 ) بالنسبة إلى الفترة 2018 – 2021 . وهذا من شأنه أن يعزز من سمعتها ويطمئن حرفاءها ومزوّديها المحليين والأجانب .
أكيد أن هناك تضحيات بذلت من أجل الوصول إلى هذا المستوى فهل من فكرة عنها ؟
إن الصناعة قطاع حساس ويتطلّب الكثير من العزيمة والإرادة والصبر. كما أن القرارات التي يجب اتخاذها في التصرّف اليومي في المجال يجب أن تكون رصينة ومدروسة جيّدا . ومن أجل الوصول إلى مثل هذه المستويات تم بذل الكثير من التضحيات سواء على المستوى المالي أو على مستوى التفرّغ والتزام العاملين بالشركة وبمجمع الوكيل . و هذا النجاح الذي جاء بعد خوصصة الشركة هو بالفعل ثمرة جهود كبيرة ومضنية وتضحيات كبيرة بذلها العاملون والمسيرون في الشركة وفي المجمع . وهو أيضا ثمرة الموارد المالية التي وضعت على ذمة الشركة خلال كامل مسيرتها والمرافقة والتأهيل من أجل تطوير أنشطتها في هذه السنوات الأخيرة . ولا يفوتني بالمناسبة أن أتوجه بالشكر إلى بسام الوكيل المدير العام للمجمع لدعمه المعنوي والمالي .
بالرغم من الوضع الاقتصادي الصعب تمكنت الشركة من خفض قيمة ديونها مع البنوك . هل قمتم ببعض التنازلات الموجعة من أجل الوصول إلى هذه النتائج ؟
إن خطة إعادة الهيكلة المالية التي أطلقت سنة 2017 طمأنت مقلما ذكرت مختلف شركائنا الاقتصاديين وسهّلت عمليات التبادل معهم . ونحن ننتظر أن نجني ثمار هذه الخطة مع نهاية 2018 . ورغم الوضع الاقتصادي الصعب فقد نجحت الشركة في خفض ديونها سنتي 2017 و 2018 حيث تراجعت الديون بنسبة 14 بالمائة سنة 2017 وتراجعت أكثر مع نهاية الثلاثي الأول من هذه السنة .وبالتأكيد فقد كان لهذا الأمر بعض التأثيرات الجانبية نظرا إلى أننا وجّهنا جزءا مما كان مخصصا للاستثمار نحو تسديد الديون . وقد تغيّر تبعا لذاك نسق منوال شراءاتنا من الخارج نظرا إلى أن البنوك كانت تشترط تسديد جزء من الديون قبل القيان بأية عملية جديدة للشراء .
يبدو كذلك أن الشركة عانت من المنتجات المقلّدة التي تباع في السوق باسمها وبأسعار أقل لكن أيضا بجودة تكاد تكون مفقودة فماذا عن هذا الأمر ؟
هذا أمر واقع وصحيح إذ عانينا لفترات من تكاثر منتجات مستوردة وتباع على أنها منتجات الشركة . وقد ألحق ذلك أضرارا فادحة بالشركة خاصة أن الحرفاء لا يفرّقون بين منتج حقيقي ومنتج مقلّد إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس . أما اليوم فقد تقلّص مفعول هذه الممارسات غير المشروعة بفضل الجهود التي تبذلها الدولة التي أغلقت الأبواب أمام الكثير من المنتجات التي لا لزوم لها وخاصة بعض المنتجات التركية والصينية التي يوجد في تونس ما هو أفضل وأجود منها بكثير.
ماذا عن الوضعية الاقتصادية الحالية للبلاد وهل إن المتشائمين لهم مبررات وهل توجد حلول سريعة للخروج من الأزمة ؟
أنا بطبعي رجل متفائل . صحيح أن الوضع صعب خاصة عندما نتحدث عن قطاع الصناعة الذي يمثل سلاحا ذا حدّين بالنسبة إلى اقتصاد البلاد … الوضع الاقتصادي حسب رأيي بدأ يتعافى ووجد أخيرا طريق الانطلاق بفضل موسم سياحي ممتاز وتطوّر الصادرات وإعادة انطلاق قطاع الصناعة والإنتاج من خلال عودة الهدوء الاجتماعي والعودة إلى العمل في عدة شركات تمثّل النسيج الصناعي في القطاعين العام والخاص . وعلى هذا الأساس وحسب ما نعاينه اليوم فإن تشاؤم المحللين لا يوجد له مستندات بما أن الاقتصاد وجد أخيرا مخرجات ستعيده إلى مستويات نموّ سابقة . إلا أن تدهور قيمة الدينار التونسي يمكن أن يحمل تأثيرات سلبية على هذا الانطلاق نظرا إلى ارتفاع تكاليف الواردات الضرورية بالنسبة إلى إعادة الإنتاج في النسيج الصناعي للبلاد . وبكل تأكيد هناك حلول لعلّ أهمّها ضرورة توضيح الرؤية على المستوى السياسي عسى أن تجد الحكومة نوعا من الاستقرار الذي يسمح لها بالتقدم على درب مخطط العمل والتنمية وضرورة القيام بتشخيص حقيقي للوضع الاقتصادي والمالي للبلاد . كما يجب وضع استراتيجية إنقاذ اقتصادي تشترك في وضعها مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية والاقتصادية . من جهة أخرى يجب إمضاء اتفاقية اجتماعية – اقتصادية لتجميد الأسعار والأجور خلال مدة تنفيذ تلك خطة الإنقاذ الاستراتيجية ثم المرور إلى الإصلاحات العميقة بعد أن نستعيد نسق النموّ العادي للاقتصاد .وفي كل هذا أرجو أن تشهد الشركة خلال الفترات القادمة ازدهارا في ظل الآفاق الجديدة وأن تستعيد مكانتها الحقيقية في السوقين المحلية والأجنبية .