خبراء يحذرون من التقلّبات المناخية وخاصة من ارتفاع درجات الحرارة في تونس
قالت الجامعية والخبيرة في الموارد المائية ، روضة قفراج، أن نحو 25 % من السكان في تونس طالتهم آثار التغيرات المناخية بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق ما جاء في تقرير موسّع نشرته اليوم وكالة الأنباء الرسمية “وات”رصد التقلّبات المناخية غير المسبوقة المسجلة في الفترة الأخيرة.
ولاحظت أن تونس تفتقد إلى أرقام دقيقة ودراسات حول ما يسمى “الهجرة المناخيّة” بسبب تراجع المحاصيل من الحبوب وانحباس الأمطار ونقص المياه دعت إلى ضرورة ضبط خطة وطنية حول التأقلم مع التغيرات المناخية.
يشار إن هذه الظواهر المناخية لا تقتصر على تونس بل تطال كافة بلدان شمال إفريقيا، بحسب ممثل منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة بتونس ومنسق مكتب شمال إفريقيا، مايكل جورج الحاج.
- حرارة قابس في تونس العاصمة
وتعتبر قفراج أن التكيف مع التغيرات المناخية، يقتضي التعامل مع معطيين جديدين هما ارتفاع درجات الحرارة بنسبة 5ر1 إلى 2 درجة إن لم يكن أكثر (قد تصل إلى 4 درجات ) مما يعني أنه بحلول سنة 2030 سيصبح الطقس في تونس العاصمة مماثلا للطقس في قابس حاليا فضلا عن ارتفاع مستوى البحر الذي يهدد المناطق الساحلية والنشاط السياحي المرتكز فيها. - ارتفاع مستوى البحر
وتشير توقعات وزارة الشؤون المحلية والبيئة ان ارتفاع مستوى البحر بمعدل 30 إلى 50 سم في حدود 2050 سيؤدي إلى تراجع الشواطئ من 20 الى 135 صم وخسارة حوالي 700 ألف هكتار من المناطق المبنية بسبب مداهمة المياه.
كما سيؤدي ذلك إلى فقدان حوالي 16 ألف هكتار من الاراضي الفلاحية في المناطق الساحلية المنخفضة و خسارة 50 بالمائة من الموارد المائية المتوفرة في المائدة المائية الساحلية. - ظواهر أقرب إلى الخريف منها إلى الصيف
وعاشت تونس هذه السنة وخاصة خلال شهري جويلية وأوت من صيف 2018، ظواهر هي أقرب إلى الخريف منها إلى الصيف.
ورافقت الامطار الغزيرة فيضانات طالت الممتلكات وعجزت البنية التحتية والمنشات المائية في مدن الشمال مثل سليانة وبنزرت عن استيعابها.
في المقابل تم تسجيل درجات حرارة قياسية وصلت في أول جويلية الماضي إلى 2ر49 درجة في ولاية توزر، حسب المهندس الرئيس بالمعهد الوطني للرصد الجوي، ناديا مديوني، فضلا عن تتالي أيام القيظ التي تتجاوز فيها درجات الحرارة 35 درجة من بين 11 إلى 14 يوم في السنة، خلال السنوات الخمسين والستين من القرن الماضي الى أكثر من 28 يوما حاليا، أي بزيادة بأكثر من 1ر4 يوما مقارنة ايضا بالتوقعات بالنسبة لسنة 2018. - توقعات “وخيمة”
وتشير التوقعات الواردة ضمن الوثيقة المتعلقة “بمساهمة تونس في الحد من التغيرات المناخية”، إلى أن الجفاف الناتج عن هذه التغيرات سوف يؤثر بشكل خاص على محاصيل الحبوب البعلية التي ستتقلص مساحاتها من 5ر1 مليون هكتار إلى حوالي مليون هكتار في 2030، أي بانخفاض قدره 30 بالمائة وسينخفض الناتج المحلي الاجمالي الفلاحي بسبب تراجع المساحات والمداخيل بنسبة 5 إلى 10 بالمائة عام 2030.
وفي حالة الجفاف الشديد المتتالي ، ستنخفض مساحة المناطق المخصصة لزراعة الحبوب والأشجار المثمرة على التوالي بنحو 200 ألف هكتار و800 ألف هكتار في الوسط والجنوب . أما في ما يتعلق بتربية الماشية فسيتراجع القطيع بحوالي 80 بالمائة في الوسط والجنوب مقابل 20 بالمائة في الشمال وذلك بسبب فقدان المراعي. - لا سياسة واضحة
وحسب وثيقة لوزارة الفلاحة والموارد المائية “فقد شرعت تونس منذ سنة 2005 في انجاز عديد الدارسات الإستشرافية لتحديد الانعكاسات المحتملة للتغيرات المناخية على المنظومات البيئية والموارد الطبيعية والأنشطة الاقتصادية والصحة على المدى القصير والمتوسط والبعيد ” واتخاذ الاجراءات اللازمة للتأقلم “. كما تم خلال سنة 2007 الانتهاء من دراسة معمقة لهذه الظاهرة وانعكاساتها على القطاع الفلاحي والأنظمة البيئية قصد ضبط استراتيجية متكاملة وبرامج يتم تنفيذها للحد من اثارها السلبية وإعداد البدائل الممكنة لحماية الطاقة الانتاجية والاستفادة من السنوات الممطرة. في المقابل فإن السلطات في تونس حاليا لم تنتهج الى حد الآن سياسة واضحة ولم تتخذ اجراءات بحجم المخاطر.
واعتبر المدير التنفيذي لمنظمة “راج” تونس، زياد الزرعي في ندوة صحفية عقدها يوم 29 أوت 2018، أن السياسات المتبعة في تونس في المجال البيئي “فاشلة” خاصة في ظل ما تشكو منه البلاد من شح في الموارد المائية من جهة وتصحر الاراضي من جهة اخرى علاوة على عدم تكوين “مناضلين في المجال البيئي” ونقص اهتمام السياسيين بهذا الموضوع