سيفاكس و “مسيرة العودة” الى مطار صفاقس الدولي .. بقلم الاستاذ حاتم الكسيبي
لم تمنعني الشتائم و الافتراءات على معاودة الكتابة في موضوع سيفاكس آرلينز الوجه المشرق لصفاقس ( إقرأ مقال سباق لنفس الكاتب : سيفاكس آرلاينز .. مظلمة رجل أم مظلمة جهة ؟ بقلم حاتم الكسيبي ) ولعل ما نلته من تحامل واختلاق للحواديت زادني اصرارا على الاهتمام بالكتابة في مستقبل هذه الصناعة الجديدة في أفق المدينة والبلاد رغم تعثرها منذ انطلاقتها. لا أعرف الرجل ولا رغبة لي في التزلف اليه ولا لغيره ولكنني أكنّ كل الاحترام لأبناء المدينة الذين لم يبخلوا على جهتهم بالفكرة والمشروع حتى يزداد نسق انتاجها و تشحذ همم شبابها فيحافظوا على ارث قديم ارتبط بالعمل والكد ولا شيء غير ذلك.
يبدو أنّ النسق حثيث جدا بل وعلى أشدّه لتحليق سيفاكس ثانية في أجواء غابات الزياتين وفوق الملاحة الممتدة الاطراف غدوا و رواحا لتعبر غمار الاجواء نحو أوروبا وهذا في حدّ ذاته مطلب متجدد لأهالي المدينة والجهات القريبة منها لتيسير سبل السفر والتحاق المقيمين بالخارج بذويهم والعودة الى مقرّ أعمالهم بأيسر الطرق. يبدو أيضا انّ هذا الأمر تنتظره جحافل من رجال الأعمال الذين يجوبون عواصم العالم بحثا عن الأسواق لمنتوجنا الفلاحي والصناعي فيقصدون العمق الافريقي ويقصدون عديد الوجهات في الشرق الأقصى.
لكنّ صفاقس و متساكنيها لهم أيضا عديد المشاغل و سيفاكس مرجوّة لتحقيق هذا الحلم الذي لا نرى الدولة المركزية تعيره أي اهتمام. أهل صفاقس يرغبون في تقريب البحر و اكتشاف سحر الطبيعة الخضراء عبر خطوط داخلية منتظمة ولعل وجهات جربة و طبرقة تفتح الباب على مصراعيه للاستمتاع بخيرات بلادنا الطبيعية والتاريخية. لقد دغدغت المواقع الاجتماعية مشاعر الناس بأجمل الصور الساحرة التي تنقل لنا خضرة الغابات و زرقة مجردة المنساب بين التلال و المنتجعات السياحية المنتشرة على شواطئ المتوسط هنا وهناك. ألوان مفتقدة في مدينتنا فبحرنا يراوح اللون الأصفر الداكن و غابات الزياتين و أشجار اللوز قد أرهقتها البخّارة المنتثرة في الهواء الملوث.
يرتجى أيضا من سيفاكس أن تربط مدينتنا و مطارها الخاوي من الرحلات بعديد الوجهات المغاربية على غرار مدن قسنطينة و الجزائر و وهران والوادي و مراكش الحمراء والدار البيضاء و نواق الشط و غيرها من منارات الحضر في المغرب العربي الكبير. تلك المدن تشهد حركية كبرى و تضاهي أحلامها أحلام مدننا بل وترغب في مزيد من التقارب بين شعوب جمعها اللون والدين واللغة والعرق و عدد من العادات والتقاليد ولكنّها بقيت غريبة فيما بينها. تلك الوجهات المرجوة أيضا تيسّر التنقل أمام عديد الطلبة و رجال الأعمال الأفارقة الذين رغبوا في زيتوننا وزيتنا و تمورنا و منتوجنا البحري و الصناعي.
كل الدعم لهذا الحلم “الصفاقسي” التونسي مهما كانت الميولات الإيديولوجية لصاحبه أو لفريقه و مهما كانت توجهاته السياسية فالبلاد تعيش ميلاد تعددية سياسية كغيرها من الدول المتقدمة التي استفادت من الديمقراطية. والخير حتما سيعمّ على المنطقة بأسرها وأنّ الافتراء و حكايات “الخر طر” لا تزيد الوضع الا تعقيدا و انتكاسا اقتصاديا عميقا لا ينهض منه البلد الا بعد عقود أخرى من الزمن.