هنشير الشقاف: آثار مصنع روماني في صفاقس في طي النسيان
يقع هنشير الشقاف على ساحل البحر في طريق سيدي منصور كم 9 وسط حي سكني حديث يشرف جنوب غربا على خليج صغير عميق نسبيا (1م) مقارنة ببقية الشاطئ. كان الهنشير الذي يبلغ طوله 350 مترا وعرضه 150 مترا يحتوي على آثار قديمة تعود للفترة الرومانية تتمثل في مصنع روماني لتمليح السمك وصناعة صلصة القاروم garum الشهيرة. وكان اختيار هذا الموقع مناسبا لمرفئ ترسو فيه السفن التجارية لشحن منتجات المصنع الروماني ومن ثم تصديرها لبقية المدن الرومانية. وكان هذا المصنع مكونا من منشأة رئيسية لا تزال معالمها قائمة إلى الآن ثم تم تحويلها إلى كنيسة في الفترة البيزنطية. كما اكتشفت في الموقع أحواض تمليح عديدة إلا أنها هدمت وسويت بالأرض ولم يبق لها أثر حاليا. وفي أقصى شرق الموقع اكتشفت مقابر مغطاة بالقرمود على بعد 30 مترا من ساحل البحر. في العصر الوسيط تم على الأرجح تحويل الكنيسة إلى رباط بحري يسمى قصر جبلة. هذا القصر الذي ذكره الادريسي يبتعد عن قصر قزل سيدي منصور حاليا ميلين أي يوافق تقريبا موقع هنشير الشقاف.
وقد أطلق أجدادنا تسمية الشقاف على هذا الموقع لكثرة القطع الفخارية المتلاشية على ساحل البحر والتي تعود لفترات زمنية مختلفة نتجت من تكسر الجرار والشقف الفخارية. وفي القديم كانت كميات الفخار كبيرة لدرجة أن سكان صفاقس كانوا يستعملونها في بناء المواجل لتزيد في عزلة جدرانها ولتزيد في برودة مائها. وللأسف الموقع الآن مجهول عند سكان صفاقس كان يمكن أن يكون منتزها أثريا ومزارا سياحيا على ساحل البحر، إنما اختفى أغلب آثاره وزحف فيه العمران ولم تبق إلا بناءة تنتظر من يهتم بها وينقذها من الهدم والتخريب.
د. وليد العش. موقع تاريخ صفاقس.
كتاب تاريخ صفاقس القديم من تفرورة القرطاجية إلى اسفاقس الأغلبية. بتصرف