مجرّد رأي : على هامش استقبال رئيس الحكومة لوفد الألعاب الأولمبية
قبل التفكير في تنظيم الألعاب الأولمبية للشباب سنة2022 كان يتعيّن على وزيرة الشباب والرياضة الاهتمام باصلاح واعادة تأهيل مختلف الرياضات واعداد برامج وخططا على المدى المتوسّط للاقلاع بهذا المجال الذي يكتسيه الارتجال وسياسة التجميل والترقيع وتحوم حوله شبهات الفساد والعشوائية ويبقى فشل المنتخب بروسيا خيرمثالا على تردّي الوضع لهذا القطاع ….
أليس من الأجدر أن يكون حماس ماجدولين منصبّا حول انجاز ملعبا بمدينة صفاقس ثاني مدن الجمهورية وتعلن أنّ تدشينه سيقع سنة 22 وسيكون مكسبا لكلّ التونسيين ؟ ورغم معرفتي بالفارق الكبير في الامكانيات فروسيا جهّزت 12 ملعبا من طراز عالي موزّعة في كامل مدنها الرئيسية…
هذه الألعاب التي ترغب في تنظيمها ليس لها إشعاعا ومتابعة دولية ولا تفيد تونس في أي شيء سوى استنزاف مصاريفا كبرى للتنظيم ستتكبّدها الدولة.
لقد اتّضح اليوم أنّ مشكلة بعض الوزراء في الحكومة الهرولة للقيام بمبادرات استعراضية تهدف الى لفت الانتباه لنيل رضا الرأي العام في حين أنّ واقع المجالات مؤلما وتتراكم فيه الأزمات. فوزير البيئة يبتكر جهازا للشرطة البيئية ولقد أثبت العديد من الملاحظين فشل هذه المنظومة بل زادت من نزيف الأموال العمومية وأعلن عن مبادرته لنشر حاويات ذكية بمدينة المرسى في حين أنّ دولا متقدّمة على غرار ألمانيا والسويد والدنمارك ورغم أنّ شعبها يمتلك ثقافة المحافظة على البيئة لم تتبنّى مثل هذه المبادرات .ووزيرة السياحة تبحث عن تنوّع المجال السياحي وأزمة سرقة الأمتعة بالمطار لم يجدوا لها الحلول الكافية ومحيطنا وشوارعنا تغزوها القمامة وفضاءات الخدمات والمقاهي والمطاعم والمتاجر تخلّف المرارة لدى زوّارها من السياح. ووزير الطاقة يعرب في الندوات والمؤتمرات الدولية أنّ تونس سائرة نحو الانخراط الكلّي في مجال حماية المناخ والبيئة في حين أنّ ولاتي صفاقس وقابس من أكثر المدن تلوّثا في حوض البحر الأبيض المتوسّط جرّاء تكرير الفوسفاط وشواطئنا الممتدّة على طول 1300 كلم أصبح جزءا منها ملوّثا علنا جرّاء المصبّات الصناعية إضافة لانتشار العديد من الفضلات الصلبة والبلاستيك بكامل السواحل والمواني .ووزر التعليم العالي يعلن عن الانتهاء من إعداد نظام حديث للتوجيه الجامعي في حين كنّا ننتظر الانتهاء من إعداد برنامجا يضمن وجود فرصا عملا للمتخرّجين وفق احتياجات سائر مجالات الاقتصاد التونسي .
إن الانكباب على معالجة الملفّات المتراكمة بكلّ وزارة والقدرة على الحدّ من الخروقات والتجاوزات وإيجاد الحلول المستديمة من أجل ترسيخ ثقافة دولة المؤسّسات والقانون وجعل الأولوية النبش في الواقع المعاش والبحث في سبل الارتقاء بمجالات العمل الوزاري أهمّ من الانصراف لمثل هذه الاستعراضات التي تستنزف أموالا عمومية وتعمّق من أزمة تونس .
محمد الحمامي