القراء يكتبون : من مواطن عادي الى السيد لسعد اليعقوبي
بقلم محمد الحمامي
سلام وبعد،
أكتب اليك والى كلّ الأعضاء النقابيين الذين يشكّلون مجلس الأساتذة بالمنظّمة الشغيلة لحماية حقوق المنتمين لهذا القطاع التربوي الحسّاس وإبداء آرائه وتقديم اقتراحاته والمشاركة في سبل ضمان و تأمين المستوى الجيّد للتدريس العمومي ومحاولة الارتقاء بسيره ومناهجه التربوية .
أقول لكم جميعا إن الصبر قد نفذ ولم يعد بالإمكان الصمت أمام هذا الوضع الذي نرى فيه أبنائنا في حالة شلل دراسي وضياع وحرمان من أقدس حقّ كرّسه بورقيبة اثر الاستقلال وجعله أحد ركائز ومقوّمات تونس الحديثة …التعليم !!!
هذا المجال الذي خصّصت له الدولة منذ عقودا من الزمن ثلث ميزانية الدولة وأضيفت له العديد من القوانين من إجبارية التعليم للأطفال إلى سنّ 16 عشر سنة إلى تأمين مقعدا بالجامعة لكلّ ناجح في شهادة الباكالوريا وإعطاء فرصا للمنقطعين للعودة المدرسية وغيرها من القرارات التي تنبع من إرادة وإجماع هذا الشعب في المحافظة على أسمى هذه القيم واعتبارها مصدر فخر واعتزاز لكلّ التونسيين
فهل يحقّ لنا اليوم أن نفتخر بهذا القطاع ومدارسنا ومعاهدنا وكلّياتنا مغلقة ؟وهل أنّ بمثل هذه الاحتجاجات والإضرابات والمطالب المتكرّرة تبرز الحرّية ونظهر للعالم انتقالنا الديمقراطي ؟
إن الأزمة طالت أكثر من اللازم ورغم بادرة الهيئة الوطنية للاتحاد وبالقرار الذي بنصّ على إنهاء تعليق الدروس وإرجاع الأعداد ضمن إطار يقضي إلى السعي لتامين مسار تفاوضي بين الوزارة والأساتذة لدراسة الطلبات هو قرار تغليب المصلحة العلياء للوطن وللأساتذة والأولياء والأطفال ولا يصبّ في خانة لغة الغالب والمغلوب سوى لدى البعض الذين لا يرغبون استقرار الوضع ولهم مصالح ذاتية .
إن مستقبل التعليم ومستقبل أبنائنا وهما مستقبل تونس وفي طليعتها مسألة إصلاح التعليم وردّ الاعتبار لمدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا… وذلك هو الرهان الحقيقي والمعركة الوطنية التي يجب أن نتجنّد لها جميعا… بلا استثناء.
إن الاتحاد اليوم كقوّة سياسية انحرفت عن هويّتها وانساقت وراء تحقيق المطالب المادّية غير عابئة بوضع البلاد الصعب والهشّ وما ينتظر الدولة من إصلاحات كبرى والتحدّيات التي نواجهها ولا خيار لنا جميعا الاّ الجنوح إلى الحكمة والتعقّل والصبر .
إنها الفرصة الأخيرة للخروج من هذه الأزمة ودفع الأساتذة للقبول والرضى وتوظيف كامل قدراتهم لإنهاء السنة الدراسية على أحسن وجه والتنازل لمصلحة تونس وأجيالها وهنا تتجلّى ثقافة الأستاذ الراقية لأنّ من يعتبر في ذلك اهانة فهو جاهلا .