الحاجوجا في صفاقس: احتفال برأس السنة البربرية أم ذكرى تحرير المدينة من النورمان؟
تحتفل صفاقس ليلة 14 جانفي من كل سنة بحدث شعبي توارثته الأجيال منذ زمن طويل هي احتفال الحاجوجة. ورغم أن هذا الاحتفال تقلص ويكاد يندثر إلا أن العديد من المبادرات من المجتمع المدني تحاول إرجاع هذه العادة البهيجة. فماهي الحاجوجة؟
يقتصر بعض المفسرين على جعل الحاجوجة احتفالا بحدث تاريخي هام في تاريخ صفاقس وهو تحرير المدينة من الاحتلال النورماني سنة 1156. وهو ما ذهب إليه أبو بكر عبد الكافي في كتاب تاريخ صفاقس فيقول “لا نعلم لماذا سموها حاجوجا؟ .. ربما والله اعلم أصل الكلمة الحاجوزة من الحجز لأنها الليلة التي حجزت أي فصلت بين المسلمين والنصارى وبين سنتين وبين الليالي البيض والليالي السود.” ففي هذه الليلة أعلن سكان صفاقس الثورة على النورمان الذين احتلوا المدينة وجزء من البلاد منذ 8 سنوات. وبعد خطة محكمة استعمل فيه الفول لإحصاء عدد الثوار وتسليحهم، تم القضاء على النورمان في ليلة واحدة هي الليلة الفاصلة بين الليالي البيض والليالي السود وهي نفس الليلة التي احتفل بها المسيحيون برأس السنة في ذلك العهد. واحتفالا بهذا الانتصار طبخ المدمس بالفول وأصبحت عادة يحتفل بها الناس كل سنة إلى يومنا هذا وبحسب عبد الكافي أطلق اسم الحاجوجا على هذا الاحتفال.
ولكن لا نوافق هذا التأويل المقتصر على مدينة صفاقس فقط والمقتصر على حدث تاريخي واحد لنعطي نظرة أكثر شمولية وتعميما. ذلك أن هذه العادة لا تحتفل بها صفاقس فقط بل أيضا في عديد المدن التونسية بل في جل أقطار المغرب العربي لان هذه الليلة هي في الأصل ليلة 1 يناير (1 أينار باللهجة الصفاقسية) وهو رأس السنة الأمازيغية التي تعرف حاليا بالسنة الأعجمية ومنها يستخرج التقويم الفلاحي. ونلاحظ أن هذا الاحتفال له عدة تسميات ومن أشهرها تسمية بربرية هي الحاكوزة (ومنها حرفت إلى الحاجوجة). وفي هذا الاحتفال الضارب في القدم (التقويم الأمازيغي من 945 ق م) تعبير شعبي عن الامتنان للأرض واعتراف بعطاياها. ومن مظاهر الاحتفال أن يتزاور الناس ويتم تحضير أطعمة متنوعة من منتجات الأرض كالمدمس والرفيسة والكسكسي والبازين وهي كلها أكلات بربرية.
فما حصل في صفاقس هي أن الحاجوجة هي احتفال بربري شعبي برأس السنة الأمازيغية دأب عليه السكان منذ القدم علما وأن في القرن 12 كان جزء هام من سكان صفاقس من أصول بربرية. وقد تزامن سنة 1156 مع حدث تاريخي هو تحرير المدينة من الاحتلال النورماني.
تزامنت الحاجوجا كذلك حسب المصادر التاريخية مع ليلة رأس السنة الميلادية. فلماذا نحتفل بها يوم 14 جانفي؟ تابعونا..
د. وليد العش. موقع تاريخ صفاقس.
من كتاب تاريخ صفاقس القديم.