حقوق الانسان والتغيرات المناخية .. ما هو المطلوب من الوزارات المعنية ؟
حظيت العلاقة بين تغير المناخ وحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة باهتمام متزايد من مجلس حقوق الإنسان والمكلفين بالحكومات والهيئات الدولية بما فيها مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.ومن الانجازات الهامة في هذا الصدد،كما أكدت دلك منظمة راج تونس وهي منظمة غير حكومية تأسست في سنة 2013 وهي تشتغل على محور الشباب والسياسات العامة ومحور البيءة والمناخ، إعلان منحة مالية بشأن البعد البشري لتغير المناخ العالمي والدي اعتمده ممثلو الدول الجزيرية الصغيرة في 2007 وهو ما اعتبر أول بيان حكومي دولي يعترف اعترافا صريحا بأن لتغير المناخ آثارا واضحة ومباشرة على التمتع الكامل بحقوق الإنسان بما فيها الحق في الحياة وفي مستوى معيشي مناسب وفي التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة.ورغم الاعترافات والاتفاقات بخصوص حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم إلا أنها لا تخفي أن الآثار السلبية لتغير المناخ يتحملها بشكل غير مناسب بلدان شمال العالم والدين أسهموا تاريخيا اقل اسهام في انبعاثات غازات وخاصة الأشخاص والمجتمعات المحلية الدين يعيشون في حالات حرمان بسبب الجغرافيا أو الفقر أو نوع الجنس أو السن أو الإعاقة أو الخلفية الثقافية كما هو الوضع في بلادنا والتي تعيش تغيرات مناخية واضحة اكثر من قبل في السنوات الأخيرة.
البدائل ودور الوزارات
في هذا المجال قالت منسقة برنامج البيءة والمناخ بالمنظمة وفاء الحمادي ان ورقة السياسات”التغيرات المناخية وحقوق الإنسان في تونس”تستهدف مجلس نواب الشعب لتشجيعهم على التسريع في تفعيل هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة ضمن الفصل 129في إطار توظيفها حقوق الأجيال الحاضرة والقادمة داخل المشاريع المنفذة والمقرر تنفيذها،كما تهدف إلى تسليط الضوء أولا على وزارة الصحة التي تعتبر أول نقطة اتصال مع المواطن من حيث ضمان حقه في الحياة والعيش في صحة تتكيف مع الأوضاع المناخية والبيئية بالتعاون مع وزارة الشؤون المحلية والبيئة ووزارة الفلاحة ووزارة النقل في ضمان الحصول على المياه الكافية والصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي والحق في الغداء الكافي وهواء نظيف بخفض مستويات الانبعاثات من وسائل النقل،علما بأن تونس أظهرت منذ سنة 2014دعمها الكلي لحق المجتمع التونسي في مناخ سليم طبقا لما جاء بالدستور وعلى الدولة ضمان حقوق المواطن خاصة بعد الأحداث المناخية الاخيرة في سبتمبر 2018.لكن الواقع الدي تعيشه تونس اليوم من أوضاع بيئية ومناخية هشة و من تلوث ماءي وهواءي بسبب المصانع والنقل والتلوث الأرضي جراء النفايات العشوائية إضافة إلى الأمطار المسببة للفيضانات وارتفاع نسبة مياه البحر الدي أصبح يهدد الجزر التونسية بالغرق كجزيرة قرقنة، لا يزال بعيدا عن ما يحاكيه الدستور ولا شك أن هذه المشاكل تعود بالأساس إلى الثغرات التي تعانيها السياسات البيئية والمناخية في تونس والتي تهدد حقوق التونسيين في العيش في بيئة ومناخ سليم.وبعد أن أشارت إلى تأجيل تكوين هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة من قبل مجلس النواب رغم أهمية دلك،اكدت الحمادي ان الهياكل العمومية تحتاج إلى مراجعة شاملة للاستراتيجية التي تبني عليها برامجها السنوية وبشكل أدق إلى تحديد أولوياتها وأهدافها كضمان حقوق المواطن داخل إطار مواجهة التغيرات المناخية التي تتمثل في الحق في الحياة والغداء الكافي والماء الصالح للشرب والصحة والسكن الاءق والتعليم والمساواة.
برنامج وطني ورقم اخضر وبحث علمي
وبما أن قضية تغير المناخ في تونس لم تعد تحتاج إلى التفكير أو التمهل بل اخد القرارات وتطبيقها فإن المنظمة تدعو إلى تفعيل الهيئة الدستورية كأول خطوة في ضمان الحقوق كما تدعو إلى دمج التغيرات المناخية داخل برامج الوزارات مع الاخد بعين الاعتبار حقوق الإنسان واولها الحق في الحياة ويقترح في هذا المجال أن تقدم وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان ووزارة الداخلية برنامج وطني لحماية المواطنين من الفيضانات والكوارث الناتجة عن التغيرات المناخية عبر توفير الموارد المالية والتقنية والتكنولوجية لمجابهة المخاطر وإعداد رقم اخضر او صفحة الكترونيه لتوعية المواطن بالمخاطر وللتنسيق بين لجنة المخاطر والمواطنين في حال حصول الفيضانات أو كوارث أخرى وإعداد فريق تدخل مجهز من حيث القدرات والمعدات ولباس الوقاية في حالة وقوع المخاطر.
وفي خصوص الحق في الغداء الكافي والماء الصالح للشرب فإن وزارة الفلاحة مدعوة إلى إعداد برنامج يتم فيه دمج هذه الحقوق مع التنسيق مع الفلاحين من خلال توعية الفلاحين بالتغيرات المناخية وتقديم الحلول البيولوجية والفلاحة المستدامة بهدف دعم استراتيجية التخفيف والتكيف وتشريك الفلاحين في اخد القرارات وتحديد الأولويات.وبالنسبة للحق في الصحة فيقترح التنسيق بين الوزارات المعنية وإعداد برنامج يضمن الحق في الصحة والتاقلم مع التغيرات المناخية ويضمن جميع القطاعات مثل النظر في حلول مع وزارة النقل بشأن ايجاد حلول للتلوث الهواءي بسبب النقل والتشجيع على البحث العلمي في مجال الصحة والتغيرات المناخية للحماية من الأمراض المتعلقة بهذه التغيرات كحمى غرب النيل وكيفية مجابهتها.اما فيما يتعلق بالحق في السكن اللائق فالدعوة موجهة إلى وزارتي الشؤون الاجتماعية والتجهيز والإسكان لضبط برنامج عمل يعنى بالسكن اللائق المستدام والمتاقلم مع التغيرات المناخية بهدف إعادة ترميمها وتحضير مخطط سكني مستدام للأجيال القادمة،وكدلك توعية السكان قرب المناطق المهددة بالفيضانات وارتفاع نسبة مياه البحر و زحف الرمال بالتغيرات المناخية ودمجهم في إعداد البرنامج السكني بشأن التكيف مع التغيرات.
من جانب آخر يقترح أن تعد وزارتي التربية والتعليم العالي لبرنامج يجمع بين التعليم البيءي والمناخي وإضافة المعلومات البيءية والمناخية والتقارير العلمية ونشرها بهدف التوعية وفي خصوص المساواة فالدعوة موجهة إلى وزارة المرأة والأسرة والطفولة إلى الاخد بعين الاعتبار التغيرات المناخية ضمن برامجها وخاصة دمج المرأة الفلاحية التي تمثل الفءة الأضعف لا سيما وأن التغير المناخي يهدد عملها من خلال دمج المرأة الفلاحية في ورشات تكوينية حول مفهوم التغيرات المناخية وإعداد برنامج تكويني للكفاءات الضعيفة حول طرق النجاة في حال حصول كوارث طبيعية مع التشجيع على الأعمال الحرفية للمرأة والرجل ودمجة التعليم المناخي ضمن برنامج المدارس الابتدائية.
فيصل الرقيق