الهادي شاكر: الزعيم الوطني الشهيد
يحيي الشعب التونسي في نخوة واعتزاز كل يوم 13 سبتمبر، من كل سنة، الذكرى التاسعة والخمسين لاستشهاد الزعيم الوطني المجاهد والمناضل السياسي الكبير وقائد المقاومة المسلحة فقيد الوطن الهادي شاكر الذي اغتالته عصابة “اليد الحمراء” بنابل يوم 13 سبتمبر 1953 هذه العصابة التي لم تكن في الواقع سوى غطاء لاعوان البوليس السياسي الفرنسي.
كان هدف الاستعمار وعملائه من عملية الاغتيال هو اخماد صوت زعيم وطني فذ عرف بايمانه القوي واخلاقه العالية وشعوره الوطني الفياض وتواضعه وتفانيه في خدمة القضية الوطنية، وترهيب كل المناضلين من اجل عزة الشعب التونسي وكرامته وكل المناهضين للاستعمار الفرنسي. نشا الهادي شاكر في منطقة سجلت للعمل الوطني اروع امثال البطولة والاستبسال في مقاومة اسطورية للاحتلال الفرنسي لمدينة صفاقس قلعة الصمود والفداء خلال شهر جويلية 1881.
فكان من الطبيعي ان يفرز جيل مقاومة الاستعمار بصفاقس والجنوب التونسي شبابا وطنيا اصيلا سرعان ما بادر بمواصلة مسيرة التحدي للحضور الاستعماري والتصدي لمخططاته التي كانت تستهدف علاوة على استغلال الارض ونهب خيراتها، العمل على استعداد التونسيين وتدمير مقومات هويتهم العربية الاسلامية من خلال سياسة التجنيس والفرنسة ادارة ولغة وعقيدة واقتصادا، وهو ما فضحه المؤتمر الافخارستي في بداية الثلاثينات من القرن الماضي.
و لمواجهة هذه السياسة الاستعمارية اعتمد الشهيد العظيم، صاحب ثلة خيرة من الوطنيين الصادقين، على مواصلة ما انجزه الآباء في مجال المقاومة المسلحة رغم تفاوت القوى وعدد الضحايا الذي تجاوز في ذلك الوقت حسب بعض المؤرخين آلاف الشهداء والجرحى، وذلك عبر اشكال الصمود المختلفة من تعبئة دينية وثقافية واجتماعية وسياسية ادت الى العصيان المدني ثم الى اعادة تنظيم مكونات المجتمع وحشد طاقته في معركة التحرير الوطني.
لقد اعتمد الشهيد خطابا سياسيا رائدا، ومنهجية تعبوية عصرية نجحت في استيعاب آليات النضال السياسي التي اثبتت جدواها في نضالات الشعوب المكافحة من اجل حريتها وكرامتها في الشرق والغرب على حد سواء. وهو ما جعله يبادر الى استقطاب نخبة خيرة من الشبان المناضلين الصادقين قام بالسهر على تكوينهم سياسيا لينتقل بهم من مرحلة الوعي الوطني الى مرحلة الفعل ومن مستوى النضال الفردي الى مستوى العمل الجماعي المنظم.
كان للشهيد الهادي شاكر دور فاعل اساسي ومؤثر في التعبئة البشرية والمادي لقوى الشعب التونسي على جميع الجبهات من اجل الاستقلال: في الحزب الحر الدستوري التونسي، وفي نقابات العمال والفلاحين والتجار والاعراف، وفي العمل الجمعياتي الثقافي والخيري والشبابي، وهو ما جعل مؤتمر الحزب الدستوري الجديد الذي ترأسه الشهيد الهادي شاكر يوم 18 جانفي 1952 يطالب لاول مرة بالغاء الحماية الفرنسية ويعلن انطلاق الكفاح المسلح ضد الحضور الاستعماري الفرنسي ببلادنا.
ومن هذا المنظور كان الهادي شاكر رحمه الله زعيما وطنيا بامتياز وعلامة مضيئة في مجال العمل الوطني الصادق فكرا وقولا وممارسة.
محمد النوري