صفاقس: جدل حول مشروعية غلق مصنع « السياب » من عدمه
عاد الجدل من جديد حول مشروعية غلق مصنع « السياب » من عدمه بمناسبة زيارة العمل التي أدتها، اليوم الثلاثاء، إلى صفافس، لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة بمجلس نواب الشعب.
وقد رافقت هذه الزيارة التي استهلت بمعاينة مصنع الحامض الفسفوري انتقادات من قبل نواب ومن ممثلي عدد من مكونات المجتمع المدني حول طريقة طرح رئيسة اللجنة عبير موسي لملف غلق « السياب » التي اعتبروها « تعود بالمشروع إلى النقطة الصفر وإلى مراحل تم تجاوزها وإثارة إشكاليات تم حلها بعد اتفاق مختلف الأطراف المعنية بالمشروع وهي بالأساس إدارة المجمع الكيميائي والحكومة والطرف الاجتماعي » وفق تقديرهم.
وكانت موسي قد قالت إن « القرار المتخذ ليس واضحا إن كان يقر الغلق أم لا » سيما وأن قرار وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة المتعلق بإيقاف نشاط المؤسسة بتاريخ 7 أوت 2019 والذي ينص على ما يلي : « يوقف حالا وحدة إنتاج مادة ثلاثي الفسفاط الرفيع « تي ا س بي » الى حين التأكد من مطابقة نشاط هذه الوحدة للشروط القانونية والفنية المتعلقة بالبيئة والسلامة والوقاية المعمول بها في المجال… ». وطالبت بضرورة تنسيق القرارات ومحاضر الجلسات التي تتعلق بمسألة الغلق من عدمها دفعا للملف وليس تعطيلا له بحسب قولها.
من جانبها، قالت النائب سماح دمق إن الملف البيئي ليس وعدا انتخابيا كما قالت رئيسة اللجنة وليس وليد الفترة الأخيرة ولكن وليد نضالات مجتمع مدني لعقود بدأت بإزالة مصنع « آن بي كا » وقد قدمت أجيال ومنظمات التضحيات من أجله، داعية إلى ضرورة الخروج بخطة عمل لتجسيم قرار الغلق الذي يعود كقرار سياسي إلى سنة 2008 والتقدم فيه بشكل سريع.
واستنكر النائب نعمان العش بدوره ما قال إنه « الأسلوب الذي يبحث عن إشكاليات لخلق التفرقة واختراق الصفوف »، كما استنكر ما وصفه بالمزايدات التي تقلل من أحقية الجهة في بيئة سليمة سيما وأن كل الأطراف باستثناء الاتحاد العام التونسي للشغل اتفقت على الأنشطة البديلة للأنشطة الملوثة، بحسب تعبيره.
في المقابل، أكد حمادي قاسم كاتب عام النقابة الأساسية عن الاتحاد العام التونسي للشغل أن موقف الاتحاد لم يتغير وينادي بعدم إيقاف الأنشطة الفسفاطية غير الملوثة وليس كل الأنشطة الفسفاطية كما تطالب بذلك تنسيقية البيئة والتنمية بصفاقس وأن رفع الإخلالات من نشاط الفسفاط الرفيع إن وجدت يجب أن يعيده للنشاط والعمل، وفق قوله.
ووصف عضو تنسيقية البيئة والتنمية حافظ الهنتاتي الجدل الذي تمت إثارته خلال هذه الزيارة حول ملف « السياب » ب »محاولة للعودة بالملف إلى الوراء وتناسي نضالات المواطنين » والحملات البيئية المتتالية للمجتمع المدني ومنها حملة « سكر السياب » وحملة « يزي اتخنقنا » فضلا عن العرائض التي أمضاها عشرات الآلاف من المواطنين.
بدوره قال رئيس جمعية التنمية المستدامة بصفاقس، عبد المجيد خماخم، إن قرار الغلق جاء بعد عديد الجلسات السابقة اعتبارا للضرر الذي لحق المواطن وذلك « بعيدا عن الدمغجة » بحسب تعبيره. ودعا إلى ضرورة أن يقع التفكير في الأجيال القادمة في اتخاذ أي قرار وعدم العودة إلى الوراء بالمضي في تجسيم المشروع مع معالجة أي خلل بما في ذلك الخلل القانوني إن وجد بحسب تقديره.
وكان عرض قدمه المدير الجهوي للمجمع الكيميائي التونسي بصفاقس، الحبيب اللومي، أوضح أن الاتفاق الحاصل بين مختلف الأطراف بما فيها الطرف الاجتماعي يقضي بتحويل نشاط انتاج TSP إلى مصنع المضيلة وتفكيك الوحدات الملوثة وإقرار جملة من المشاريع البديلة ذات صبغة اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية بقيمة 145 مليون دينار مع الحفاظ على مواطن الشغل وضمان ملكية الأراضي للمجمع الكيميائي التونسي.
وتم استعراض عناصر خطة تفكيك الوحدات الملوثة ومعالجة المواد الخطيرة وتهيئة واستصلاح موقع الإنتاج وكوم الفوسفوجيبس ومعالجة إفرازاته والمشاريع البديلة للأنشطة الملوثة.
وتتمثل المشاريع البديلة للمخزون العقاري الذي سيوفره المشروع على مساحة 212 هك بالخصوص في إحداث قطب اقتصادي متكامل « سياب فالي » ومركز بحوث هو الآن بطور الإعلان عن الصفقة ومركز للتكوين والتوثيق والأرشفة ومحطة انتاج الكهرباء ووحدة مزج وتخزين وتوزيع الأسمدة وتهيئة موقع المجمع الاقتصادي ومركز لتصنيع قطع الغيار والمواد الاستهلاكية ومركز للمراقبة الفنية ومشروع محطة تحلية لمياه الآبار وفضاء ترفيهي ومعيشي.
وينتظر بحسب ما أكده حبيب اللومي أن تنطلق أولى مكونات المشاريع البديلة وهي تفكيك الوحدة المتوقفة عن الإنتاج والقطب الاقتصادي في شهر جويلية القادم.
من جهة أخرى، تطرقت جلسة العمل المنعقدة في مقر ولاية صفاقس والتي شارك فيها نواب ومنظمات وطنية وجمعيات بيئية إلى وضعية مصب الفضلات بعقارب التي تثير احتجاجات وغضب أهالي هذه المعتمدية بسبب انعكاسها على المؤشرات البيئية والصحية والاجتماعية علما وأن قرارا قضائيا وآخر صادر عن بلدية عقارب أقر غلق هذا المصب.
وطالب الناشط في المجتمع المدني بعقارب، سامي البحري، بتنفيذ القرار القضائي وعبر عن غضب واستياء أهالي هذه المعتمدية العميق، مؤكدا أنه ليس لديهم مشكل ضد مصب مراقب في المطلق ولكن ضد توجه دولة بجعلها مجالا لعديد المصبات ولانتشار الأوبئة والحشرات السامة والخنازير البرية دون اعتبار الروائح الكريهة.
وقال المدير العام للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، الهادي بوعون، بشأن وضعية المصب المراقب بعقارب ومراكز التحويل السبعة التي تعدها الجهة إن المصب سيتم غلقه بعد سنتين لنفاذ طاقة استيعابه علما وأن الوكالة تعمل على التقليص بأكبر قدر ممكن من آثاره الجانبية ولا سيما الروائح الكريهة والتلوث. وأوضح أنه من الإشكاليات الكبرى التي تواجهها الوكالة في أغلب المواقع التي تعرف صعوبات هو الوضعيات العقارية والاحتجاجات الاجتماعية.
يذكر أن زيارة لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة بمجلس نواب الشعب تندرج، بحسب رئيستها عبير موسي، في إطار سعي اللجنة إلى جعل عمل مجلس النواب عملا شفافا يفتح المواضيع الحارقة ويبعدها عن التجاذبات السياسية والانتخابية ومنها موضوع البيئة في صفاقس وغيرها من الولايات.
وات