صفاقس : بالأرقام .. انخفاض تلوث الهواء خلال الحجر الصحّي العام
كشف تقرير أعده المعهد الوطني للرصد الجوي، مؤخراً، انه لوحظ خلال هذه فترة الحجر الصحي العام، انخفاض كبير لغاز ثاني أكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت نتيجة انخفاض الأنشطة البشرية بشكل رئيسي في العديد من المدن التونسية ولا سيما بالشمال و الوسط.
وفي هذا السياق قمنا بالاتصال بعبد الرّزّاق عريف، رئيس مصلحة التلوث الهوائي والبحري بالمعهد الوطني للرصد الجوّي، وهو دكتور في علوم البيئة ومتخصّص في علم المُناخ والتغيرات المُناخيّة ، في التفاعلات بين المُناخ والمُحيط ، في فيزياء الغلاف الجوي ، في نمذجة المُناخ و أخير في التلوث الهوائي. متحصل سنة 1986 على شهادة مهندس في الرصد الجوّي بمدرسة الطيران المدني والرصد الجوّي ببرج العامري بتونس. ومتحصل على شهادة الماجستير في علوم الغلاف الجوّي من جامعة كيبيك بمونتريال سنة 1997 ، وعلى شهادة الدكتوراه في العلوم البيئية من جامعة كيبيك بمونتريال (UQAM) سنة 2007, للاستفسار حول انخفاض تلوث الهواء في تونس خلال الحجر الصحّي العام، وخصوصاً صفاقس ، وكان الحوار كالتالي :
ماهي أسباب تحسن في جودة الهواء على المستوى العالمي والوطني ؟
في نهاية سنة 2019 ، تم الإبلاغ عن الحالات الأولى لفيروس كورونا (COVID-19) في ووهان ، الصين. بعد شهر ، تحول هذا الوباء إلى أزمة وطنية ، حيث تم تشخيص الأشخاص المصابين في جميع أنحاء الصين. في بداية مارس 2020 ، أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن وباء ووهان تحول إلى جائحة عالمية حيث تأثرت العديد من البلدان في أوروبا بهذا الفيروس كورونا COVID-19. بدأت إيطاليا وفرنسا وإسبانيا ودول أوروبية أخرى في معرفة العديد من الحالات المتأثرة بهذا الفيروس كورونا، المعترف به على أنه شديد العدوى. وقد قدّمت منظمة الصحة العالمية العديد من التوصيات للحد من انتشار الفيروس والدعوة إلى الحجر الصحّي العام في البلدان المتضررة. وسرعان ما اتخذت تونس هذه الخطوة في 22 مارس وأعلنت عن عمليّة حجر صحّي عام فوري لمدة أسبوعين قابلة للتجديد وفقا لنتائج الاختبارات.
فقد حظر السفر بين المدن و تمّ إغلاق المصانع للحد من الأضرار البشرية. توقفت الرحلات الجوية الدولية وتوقفت غالبية الخدمات الحكومية والخاصة باستثناء الحد الأدنى وخدمات الطوارئ. في أعقاب هذه الأحداث المتتالية ، تحسنت جودة الهواء بشكل كبير خلال فترة الحجر الصحّي العام التي استمرت الآن لمدة شهر ونصف تقريبًا في تونس (مارس وأفريل).
كم كانت النسب قبل وبعد إعلان الحجر الصحّي العام في تونس و بالخصوص في جهة صفاقس ؟
في تقريري الفني المنشور على الموقع الإلكتروني للمعهد الوطني للرصد الجوي، قمت بمقارنة الوضع الطبيعي (من السنة السابقة 2019) بالوضع الحالي و الذي لوحظ منذ فترة الحجر الصحّي العام ( لسنة 2020) لمدّة شهري مارس وأفريل، قد لاحظت إنخفاضا في الغازات الرئيسيّة المتسببّة في تلوث الهواء على أغلب المناطق التونسيّة.
ووفقًا للبيانات التي قمت بجمعها باستخدام قياسات الأقمار الإصطناعية بالمركز الأوروبي و التي تغطي مساحة نصف قطرها 20 كم تقريبا لكلّ منطقة و بعد تحليلها وتطويرها بالمعهد الوطني للرّصد الجوي بتونس باستعمال الرقمنة (مبرمجات و نماذج عدديّة قمت بإعدادها للغرض) ومع إن كل من أوروبا وأمريكا الشمالية والصين قد شهدت هذا الانخفاض في ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت فقد أظهرت النتائج الاوّليّة للبيانات المعالجة بالمعهد بأنّ ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت وأول أكسيد الكربون انخفاضًا ملحوظًا في شمال ووسط البلاد التونسية بأكثر من 40٪ خلال فترة الحجر الصحّي العام المرتبطة بشكل رئيسي بانخفاض الانبعاثات من خلال حركة المرور على الطرقات و من المصانع.
على سبيل المثال، بالنسبة لثاني أكسيد الكبريت في صفاقس، فقد شهدت انخفاضًا بنسبة 50٪ خلال شهر مارس 2020 وإنخفاضًا بنسبة 16٪ خلال شهر أفريل 2020. وعلى العكس من ذلك ، فقد أظهر غاز الأوزون إرتفاعا بنسبة 20٪ تقريبًا في وسط غرب البلاد وإنخفضا طفيفًا بنسبة 10٪ في شمال غرب وجنوب البلاد. على سبيل المثال، شهدت مدينة صفاقس و ما جاوزها زيادة في غاز الأوزون بنسبة 16٪ خلال شهر مارس 2020. بالنسبة لشهر أفريل ، فقد تميّزت مدينة صفاقس و محيطها بانخفاضا في غاز الأوزون بنسبة 5٪ مع العلم بأنّ ظهور الصواعق الرعدية و إرتفاع في درجات حرارة الهواء على مستوى سطح الارض و ظهور حرائق الغابات مع أنتشارالأنشطة البشرية و الزيادة في غاز الاكسيجان في المحيط تكون من الاسباب الرئيسيّة في إرتفاع غاز الاوزون على مستوى سطح الارض.
ماهي الانبعاثات أو الملوثات التي تم قياسها ؟
يقوم المعهد الوطني للرصد الجويّ (عبر مصلحة التلوّث الهوائي و البحري) بتطوير مبرمج خاص بإنتشار الملوّثات الهوائية الهامة على المناطق التونسية لمدّة 24 ساعة إعتمادا على قياسات القمر الاصطناعي المسجّلة لدى برنامج التعاون الأوروبي للبحوث البيئيّة والصناعيّة – COPERNICUS – مع تطبيق الأنموذج التونسي الخاص بمؤشّر جودة الهواء و إعتمادا على الأمر الحكومي عدد 447 لسنة 2018 و المؤرخ في 18 ماي 2018 يتعلق بضبط الحدود القصوى وحدود الإنذار لنوعية الهواء المحيط.
و تشمل هذه النشرة الخاصة على البيانات العدديّة للمعطيات التاليّة:
- ثاني أكسيد الكبريت (SO2)،
- ثاني أكسيد الأزوت (NO2)،
- الأوزون (O3) ،
- أوّل أكسيد الكربون (CO).
و تشمل هذه النشرة الخاصة على مؤشّر جودة الهواء – IQA – على المناطق التونسية لكلّ 6 ساعات و لمدّة 24 ساعة مع العلم بأن هذه النشرة بصدد التجربة حاليا.
أي دور أكبر للتحسن جودة الهواء ؟ إيقاف نشاط بعض المصانع الكبيرة الملوثة في البلاد … أم إنعدام الدخان الصادر عن عوادم السيارات ؟ أم أن هناك مسببات أخرى ؟
تقوم حاليّا عدّة مصالح تابعة لوزارة البيئة و وزارة الصحّة (الوكالة الوطنية لحماية المحيط – المركز الدولي للتقنيات البيئية بتونس ….) بعدّة أعمال مرتبطة بمراقبة جودة الهواء فقد كّوّنت لجنة متابعة نوعيّة الهواء لهذا الغرض مع عدّة وزارات ومن ضمنها وزارة النقل (أمر حكومي عدد 448 لسنة 2018 و المؤرّخ في 18 ماي 2018) حيث يلعب المعهد الوطني للرصد الجوّي دورا أساسيّا في هذا الاطار و قد عّيّنت صلب هذه اللجنة بتاريخ 9 جانفي 2019 ، و لاسباب أجهلها لم تقوم هذه اللجنة بأيّ أجتماع لحدّ هذه الساعة.
في صفاقس هل هناك أرقام حول جودة الهواء قبل وبعد غلق مصنع السياب في أوت 2019 ؟
كما بيّنت سابقاً فإنّ المعطيات المستعملة بالمعهد الوطني للرّصد الجوّي والخاصة بقياسات القمر الاصطناعي، تغطي مساحة نصف قطرها 20 كم تقريبا لكلّ منطقة. فهي تظهر بيانات إقليميّة و ليس محليّة أي تخصّ منطقة بمساحة 40 كم x 40 كم تقريبا . لمعرفة جودة الهواء في أجوار مصنع السياب بصفاقس، فلا بد من مقارنة نتائج فترة ما قبل أوت 2019 مع نفس الفترة لسنة 2020 و يمكن القيام بدراسة في هذا الغرض للفترة من جانفي إلي أوت 2019 مع نفس الفترة لسنة 2020 للمقارنة.
عمر ذويب / موقع تاريخ صفاقس