صفاقس: دراسة علمية تؤكد تفاقم ظاهرة الانجراف بشاطئ الشفّار وتهديدها للملك العمومي البحري
أكدت دراسة علمية يجري إنجازها حاليا بقسم الهندسة الجيولوجية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، بالشراكة مع كل من جمعية التنمية المتضامنة بالجهة، وجمعية صيانة قرية الشفّار المصيفية، وبلدية المحرس، تفاقم ظاهرة الانجراف في شاطئ الشفار وتهديدها للملك العمومي البحري والمساكن والمناطق والمرافق الموجودة في محيطها بسبب تقدّم البحر واكتساحه لليابسة.
وقدّم في هذا الإطار الطالب المهندس، رفيق بن صالح، مساء أمس الأربعاء، أمام ممثلي مختلف الأطراف المشاركة في الدراسة، النتائج الأوّلية لهذا العمل الذي عاد على التطوّرات السلبية لانخرام التوازن الطبيعي لمنطقة الشفار منذ سنة 1948 إلى الآن، وانعكاسات مجموعة من الأعمال المنجزة فيه مثل أشغال صيانة المياه والتربة لوزارة الفلاحة، وبناء سد على وادي الشفار، والبناءات التي أقيمت على الشاطئ بشكل عشوائي لا يحترم الملك العمومي البحري، علما وأن عدد المساكن التي أقيمت بهذا الشاطئ يناهز حاليا الألف مسكن.
وبيّن بن صالح خلال الجلسة، التي أخذت طابع اللقاء الحواري مع المشاركين في الدراسة، أن إعاقة حركة الرمال والكثبان، التي تمنع الانجراف وتمثل حماية للشريط الساحلي الممتد على 3 كيلومترات، وراء تفاقم الانجراف وتآكل الشريط الساحلي واكتساح البحر لليابسة بشكل تدريجي يمكن أن يبلغ مستويات كبيرة في قادم السنوات.
وعبرّ رئيس قسم الهندسة الجيولوجية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، محمد منصف السرباجي، عن خشيته من يأتي يوم تغمر فيه المياه المنازل بشاطئ الشفار وعديد المناطق المجاورة إذا لم يقع التدارك وحماية الكثبان الرملية من الانجراف عبر القيام بتهيئة للمحيط يمكن أن تحد من ظاهرة الانجراف وتجعل من عملية استقبال المصطافين التي تعرفها منطقة الشفار كل سنة عملية آمنة ولا تشكل خطرا على البيئة وتفاقم ظاهرة الانجراف فيها.
وتحدّث عن إمكانية القيام بأشغال حمائية في البحر للحد من الانجراف ومنها وضع حواجز اسمنتية اصطناعية من شأنها أن تكبح التيارات البحرية التي تتسبب في الانجرافات، فضلا عن إمكانيات لتهيئة الشاطئ تحقق التوازن بين الجوانب البيئية والسياحية للمنطقة، وفق قوله.
وأفادت عضو هيئة جمعية صيانة الشفار المصيفية، عائدة الكشو خروف، أن الجمعية ساهمت في الصائفة الماضية بوضع حواجز لإعادة تشكل الكثبان الرملية بالجريد على طول 800 متر خطي بكلفة 80 ألف دينار، معتبرة أن هذا المجهود يبقى في حاجة لدعم السلط المركزية (وزارة البيئة ووزارة الفلاحة) واستكمال 1200 متر لا تزال في حاجة لمثل هذه الحماية الضرورية وفق تعبيرها.
كما دعت إلى ضرورة احترام مسافة التراجع الدنيا القانونية بين البحر والبناءات والمقدرة بمائة متر في عملية التهيئة والبناء كما ينص على ذلك الأمر عدد 1348 المؤرخ في 15 جوان 1994 والخاص بتحديد الملك العمومي البحري.
واقترح رئيس بلدية المحرس، محمد شنيور، من جهته، حماية الشاطئ من السيارات التي تكتسحه في موسم الاصطياف ولا سيما السيارات رباعية الدفع، وذلك من خلال تركيز مصطبة خشبية تسمح بمرور المترجلين دون غيرهم كما عبر عن استعداد البلدية لتبني مقترحات الدراسة العاجلة التي تكون في حدود إمكانيات هذه الجماعة العمومية المحلية.
من ناحيته، أكد مؤسس جمعية التنمية المتضامنة بصفاقس، رياض الحاج الطيب، على أهمية الدراسة من حيث تكريس ثقافة التنمية المستدامة والاستغلال المستدام للشواطئ ولا سيما شاطئ الشفّار الذي يعد الشاطئ الوحيد المتبقي لولاية صفاقس بسبب ما لحق باقي الشواطئ من تلوث وإفساد جراء الأنشطة الصناعية على امتداد عقود من الزمن.
وشدّد الحاج طيب على ضرورة القيام بتدخلات عاجلة وأخرى بعيدة المدى لإنقاذ هذا الشاطئ من خطر الاندثار ومعالجة الإشكاليات البيئية المتفاقمة فيه، بحسب تعبيره، مشيرا، في ذات السياق، إلى ضرورة مواصلة جهود الاستصلاح في شاطئ “الكازينو” وشاطئ تبرورة لتكون صالحة للسباحة والاستغلال من طرف المصطافين.
جدير بالذكر أن الدراسة الجديدة التي يجري القيام بها حول تدهور وضعية شاطئ الشفار في إطار مشروع تخرج الطالب المهندس، رفيق بن صالح، تعد امتداد لسلسلة من البحوث والدراسات التي انجزها هذا القسم حول ذات الموقع (شاطئ الشفار) في السنوات الماضية بمشاركة عدد من الأساتذة الباحثين وطلبتهم، وفق ما أفاد به (وات) الباحث، عبد المنعم القلال، الذي كان من ضمن المشاركين في الجلسة الحوارية.
يذكر أيضا أن قرابة 4 آلاف ساكن يقطنون منازل قرية الشفار خلال الأسبوع في الفترة الصيفية ويتحول عدد المصطافين في نهاية الأسبوع إلى مئات الآلاف بحسب الأرقام التي ذكرتها جمعية صيانة قرية الشفار المصيفية.
وات