عائلات ضحايا الكورونا يكابدون خلاص فواتير الموت للمصحات الخاصة.. عائلة ايلاف واحدة من بينهم
تحت المجهر.. يوم إيلاف !
ترددت كثيرا قبل تناول الموضوع وزاويته ، فالقضايا الوطنية التي تستحق المتابعة والتعليق كثيرة هذا الأسبوع ، بدء بالحديث عن الحوار الوطني ، وصولا إلى الحديث عن الانقلاب عن المرحوم الباجي ، مرورا بالخلافات المستفحلة بين “سياسيينا “..
حروف هذه المواضيع التي تشغل البال ، تكتب في هذه الفترة ، بل وككل الفترات السابقة بحبر الحقد والكراهية الذي ارتفع منسوبه بين الفرقاء ، فسياسيونا “لا ينظرون إلى بعضهم البعض” من أجل البناء ، فحين تلتقي الأعين يلتفتون يمنة ويسرة حتى لا تتشابك الأيادي للبناء والأعمار وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في وطني الجريح .
الفرقاء لا ينظرون إلى بعضهم البعض ، والتعبير لصديق مثقف ، مواكب للأحداث ، يمتلك حسا فنيا رشيقا يؤهله للالتقاط اللحظة والتعبير عنها بريشة الفنان العازف ، شكرا لك صديقي منجي الحاجي ، والعفو ان سطوت على إحدى “تخريجاتك الكثيرة” ..
قلت ترددت لأتناول موضوع أرقني وأقلقني بل ودمرني ، أحوصله في موتى وباء الكوفيد في المصحات الخاصة ، فمع صعود الروح إلى صاحبها ، تتجمد الدماء في عروق الأهالي لدفع تكلفة الإقامة في المصحات الخاصة ..
أربعون ألف دينار ، 70 ، 80 ..مبالغ خيالية “تورط ” فيها عدد كبير من المواطنين ولم يقدروا على الخلاص بعد أن خلصت الروح إلى بارئها ..يوميا نسمع بهذه الأخبار ، ونتساءل أنى لعائلة فقدت أبا أو إبنا أو زوجة بـ ” أجرة الموت ” المشطة هذه ؟.
تساءلت أمس الثلاثاء بعد أن تفاجأت بوفاة مرب طيب خلوق ، إيلاف بن عمر ، اسم معروف جدا في صفاقس وفي مسقط رأسه ” دوز ” ، كرس عمره القصير في الأعمال الإنسانية ، والكتابة والتأليف ..رحم الله إيلاف ..
إيلاف هذا يا سادتي ، مات بالأمس في يوم عيد ميلاده ، بعد أن قضى أكثر من شهرين بإحدى المصحات الخاصة ..لا أدري ثمن خلاص روحه ، لكني أزعم أن والدته الفاضلة ، وهي مربية كذلك لا يمكنها خلاص كلفة خلاص الروح إلى بارئها ..
أمه ، زوجته ، ابنه البريء ، وبقية أفراد عائلته -وهو اليتيم الأب- ، سيجدون أنفسهم بداية من اليوم بين حزن الفراق وهم الديون في الليل والنهار ، أتدرون سادتي لماذا ؟ لأن الدولة متخلية غائبة تغافلت عن التسخير .. والمجتمع المدني المهتم منه بمثل هذه الوضعيات في سبات عميق ..
الفخفاخ ، رئيس الحكومة السابق ، قال بإمكان المصابين بكورونا التحول إلى المصحات الخاصة ، والدولة تتكفل بذلك ، لكن الدولة لم تتكفل لا مع إيلاف ولا مع بقية العائلات الذين فقدوا عزيزا بالوباء اللعين وما أكثرهم ..
من يلوم المصحات الخاصة غبي ، فقد أنشأت وتأسست للجمع بين العمل الطبي والتجاري ..وللتجاري نصيب الأسد في هذه المعادلة ، لو كان العكس صحيحا لاشتغل الإطار الصحي في القطاع العام للاكتفاء بالمسائل الطبية ..
من حقهم العمل والخلاص ، ومن واجبهم التخفيف قدر الإمكان في فواتير الموت ، ومن واجب الدولة أن تتكفل بمواطنيها وخاصة منهم الذين فقدوا الحياة في جائحة فاجأت الجميع وفجعت عائلات كثيرة ، لم يجدوا سريرا بمؤسساتنا العمومية ” الفقيرة ” ..
مقترحنا بسيط جدا : الدولة تستجمع كل أسماء موتى المصحات بالجائحة منذ بداية الوباء وتتكفل بدفع فواتير خلاص أرواحهم إلى خالقها ..كلماتنا نوجهها إلى كل الزملاء الإعلاميين وكل الناشطين في المجتمع المدني للضغط على الدولة للتكفل بالخلاص ..فلنجعله “يوم إيلاف”.. حملة لمساعدة ضحايا كورونا ..
الشروق: راشد شعور