NAWAMED: » المائدة المائية « الثالثة تناقش موضوع الجدوى المالية لتكنولوجيات معالجة المياه غير التقليدية بغرض تثمينها
“المائدة المائية” هي عبارة عن منصة تبادل الآراء بين العديد من الفاعلين والأطراف الوطنية المشاركة والتباحث في مسألة إدماج المياه غير التقليدية ضمن التصرف الشامل في الطلب على التزود بالماء باعتباره مورد متوفر بالوسط الحضري، والذي يمكن تثمينه في أغراض خصوصية. ويندرج إنجاز هذه المائدة من طرف مركز البحوث وتكنولوجيات المياه بتونس في إطار مشروع NAWAMED الممول من طرف الاتحاد الأوروبي عبر برنامج التعاون عبر الحدود.
تم تنظيم ندوة “المائدة المائية” الثالثة بقمرت والتي حضرها 32 خبيرا ينشطون في مجال التصرف في المياه وإعادة استعمالها، يمثلون السلط المحلية والمؤسسات العمومية ومكاتب الدراسات الخاصة ومكاتب المهندسين المعماريين. تطرق المشاركون الى مسألة الجدوى المالية للحلول المقترنة بمعالجة المياه غير التقليدية وقابية تطبيقها في الوسط الحضري.
تناولت الكلمة الأستاذة لطيفة البوسالمي، المنسقة الوطنية لمشروع NAWAMED، وقدمت تفاصيل عامة حول “الحلول القائمة على الطبيعة” (nature-based solutions) التي تعتمدها فرق البحث في المشروع وتحدثت عن القيود المالية التي أشار إليها المشاركون في ندوة “المائدة المائية” الثانية وترتيبها أخذتا في الاعتبار بعض العراقيل التقنية الأخرى. كما استعرضت أهداف هذه الندوة الثالثة، كمايلي:
• تحليل الجدوى المالية والقانونية لمشاريع الموارد المائية الغير التقليدية والتصرف في الطلب على الماء على أساس معطيات مدروسة لحالات حقيقية، وتقدير التكلفة والفائدة.
• تقييم مختلف فرص وقيود التعبئة المالية لأصحاب مشاريع تثمين الموارد المائية الغير التقليدية في المناطق الحضرية بتونس وكيفية أخذها في الاعتبار على عدة مستويات.
• مناقشة القيمة المحتملة إثر تقييم جيد للتكلفة والفائدة لمشاريع التصرف في الطلب على الماء وإعادة استعمال المياه الرمادية وذلك من وجهة نظر مختلف الأطراف المتدخلة.
قدم الأستاذ أحمد الغربي مداخلة حول التحليل المالي لدراستين حول معالجة وتثمين المياه المستعملة تعتمد على تكنولوجيات المناطق الرطبة تمّ إنجازهما بمركز البحوث وتكنولوجيات المياه بتونس. كما قدم الدكتور فابيو مازي (F. Masi) من إيطاليا، مداخلة حول ما يسمى ب “الجدران الخضراء”. اهتمت المداخلة الأولى بموضوع التصرف المحلي في المياه على مستوى المدارس الابتدائية الريفية والذي يعتمد على نظام مستقل للتصرف في المياه (أنجز سنة 2009) يشتمل على العديد من العناصر كالاقتصاد في الماء وجمع واستعمال مياه الأمطار في جهاز شطف الماء في المراحيض ونظام لتطهير المياه المستعملة يرتكز على الطبيعة. وتستعمل المياه المعالجة في ري الأشجار المثمرة (زيتون، تفاح، لوز، تين، …)، كما تطرق الى تكاليف الانجاز والصيانة.
وركز د. فابيو مازي، المدير الفني بمؤسسة IRIDRA (إيطاليا) في مداخلته على استعمال “الجدار الأخضر النباتي لمعالجة المياه الرمادية. وقدم بعض الاستنتاجات الأولية المتعلقة بالتصميم والصيانة واسترجاع نفقات الاستثمار أخذا في الاعتبار تجربة ” IRIDRA” في مجال استعمال الجدران الخضراء في كثير من الحالات. وبين د. مازي أن هذه التكنولوجيا يمكن اعتبارها بمثابة معالجة إيكولوجية بيئية مناسبة وبالإمكان تركيزها بدون حاجة إلى رأسمال باهض ولا تحتاج إلى صيانة مُكْلفة، وهو ما يعزز استدامتها. وأشار أيضا إلى أن هنالك حاليا نزعة قوية إلى تحويل أنظمة معالجة المياه المستعملة إلى أنظمةٍ لامركزية في إطار مشروع تطوير المدينة الذكية.
وتركز الاهتمام خلال الندوة على مسألة رصد ما تشتمل عليه التعبئة المالية من قيود وفرص إيجابية على حساب التكاليف والارباح في صلة بهذه الأنظمة. وقدم السيد عياض اللبان مستشار وعضو بجمعية 2C2D بيانات حول الألية المالية المعروفة ب ” صندوق البيئة الخضراء” في علاقة بالاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية.
وتمّ التأكيد على الفرص الإيجابية التي تتيحها التعبئة المالية، مع وجود جملة من القيود على مستوى الولوج إلى هذه الآلية، وهو ما أشار إليه بإلحاح ممثلو البلديات في الندوة.
وقدمت د. هالة الحصايري، بمركز البحوث وتكنولوجيات المياه بتونس، تفاصيل عن فرص التمويل صُلْب برنامج البحث والتجديد – أفق أوروبا بالاتحاد الأوروبي (Cluster 6). وتمّ التعرض إلى جملة من المواضيع الأخرى كتدهور البيئة والتصرف بشكل أفضل في الموارد الطبيعية بإدخال تغييرات على بنية الاقتصاد والمجتمع في المناطق الحضرية والريفية، وكلها مسائل تتناسب تماما مع الحلول ذات الصلة بالمياه غير التقليدية. وقدمت بيانات حول إجراءات المشاركة في برنامج (Cluster 6).
وتناولت د. ثريا الملاح الأستاذة المساعدة بالمدرسة العليا للاقتصاد الرقمي والباحثة بمركز البحوث وتكنولوجيا المياه بالشرح كيفية تقييم المعادلة تكاليف/مرابيح مع ضرورة التقيد بالتوجهات المرسومة للغرض، وكيفية إدماج العناصر الثانوية غير المحسوبة بشكل نقدي على غرار تكاليف الموارد والبيئة في عملية تقييم التكاليف والارباح. وبينت في هذا الصدد ان هذا التقييم يعتبر بمثابة مقاربة شاملة تساعد على التعرف على جوانب القوة وجوانب الضعف في البدائل المعتمدة / المقدرة حتى يتسنى اختيار المقاربة الأفضل للحصول على أكبر قدر من الفوائد دون التفريط في الموفورات المالية.
وشدد المشاركون في الندوة الثالثة للمائدة المائية على عدم توفر معلومات عن الفرص المتاحة وعن برامج التمويل المتعلقة بمعالجة المياه غير التقليدية وإعادة استعمالها في صلة بالطلب على المياه بالبلاد التونسية. وأكد الفاعلون المحليون الحاجة إلى تعزيز قدراتهم في مجال تقييم المعادلة تكاليف/مرابيح ولفتوا النظر إلى أن هذه المعادلة تتخذ أحيانا ذريعة لحمل اصحاب المشاريع في البداية أو في بعض الأوقات على الذهاب في اتجاهات لغايات سياسية. وأشار المشاركون إلى أن التقييم الاقتصادي للآثار البيئية في صلة بتثمين المياه غير التقليدية يثير كثيرا من الجدل والأخذ والرد في كل مرة تطرح فيها معادلة التكاليف/المرابيح على بساط التحليل بسبب نقائص تقنيات التقييم التقليدية ومحدوديتها. ويرى المشاركون أنه أصبح من الضروري القيام بعمل أعلامي واتصالي في كل ما يتعلق بالجدوى المالية لمشاريع تقييم المياه غير التقليدية التي تنجز بالبلاد التونسية وخاصة تلك التي تستعمل تكنولوجيات ناشئة تعتمد على الطبيعة سعيا وراء تطويرها وتكييفها بشكل أفضل.