صفاقس: “الضيعة البيولوجية” حدائق منزلية نموذجية ترفع لواء الاقتصاد العائلي والأمن الغذائي عبر بوابة “البذور الأصلية”
بادرت جمعيّة شبكة المهندسين التونسيين إلى تهيئة وزراعة 21 حديقة عائلية بصفاقس (17 حديقة) وبجزيرة قرقنة (4 حدائق)، مؤخرا، باعتماد البذور التونسيّة الأصيلة. ويأتي تهيئة هذه الحدائق في إطار التعاون بين الجمعيّة وبرنامج “الضيعة البيولوجية”، التّي أطلقها الفلاح، عبد الباسط طرفاوي، مؤخرا، بمعتمدية العلا من ولاية القيروان.
ويراهن برنامج “الضيعة البيولوجية” كمشروع تطوّعي لفائدة العائلة التونسيّة على تثمين البذور المحليّة المعروفة بقدرتها على مقاومة الجفاف والتغيّرات المناخية والأمراض الفطرية من خلال حشد الانخراط في جهد الإكثار والاستغلال بما يساعد على تحسين الاقتصاد العائلي وتلافي مشاكل البذور التجاريّة المستوردة، التّي لها انعكاسات سلبية على الميزانية وعلى الأرض والبيئة وعلى الأمن الغذائي.
وتتكفّل “الضيعة البيولوجية” بتوفير البذور الأصلية والأسمدة في حين تكفلت شبكة المهندسين بالإنجاز والمرافقة التقنية والتعهد بعمليّات الزرع والمتابعة والتكوين والمرافقة وذلك “من البذرة إلى البذرة” لتصير العائلة منتجة لبذورها في موفى حلقة الإنتاج الموسمي.
وتجري تهيئة وزراعة هذه الحدائق العائلية في ولاية صفاقس، الجارية منذ 3 أسابيع، في إطار مشروع أطلقت عليه “الضيعة البيولوجية” اسم “بذرتنا” “لوجود شريك مستعد للإنجاز والشراكة في إطار التطوع وخدمة الصالح العام دون مقابل وهو شبكة المهندسين بصفاقس”، وفق باسط الطرفاوي، وساهم “تحمّس أهالي الجهة للمشروع”، في اختيار صفاقس لتنفيذه، بحسب تعبيره.
وأوضح الطرفاوي ل(وات) أنّ الحدائق، التّي تهيئة وزراعة عديد أصناف البذور الأصلية التونسيّة تمّ بمشاركة تلقائية لعدد من المهندسين والفلّاحين والنساء والرجال والأطفال، ملاحظا أن الآلاف من المواطنين تفاعلوا إيجابيا مع المبادرة وينتظرون دورهم في الاستفادة من البرنامج.
كما تكمن أهميّة المشروع، فضلا عن دوره الهام المرتقب في المساهمة في التقليص من الأزمة الاقتصادية، في توفير إمكانيات وفرص جديدة لإنتاج الخضر والغلال البيولوجية وتعويض النقص الحاصل في الأسواق في عديد المواد الفلاحيّة والاستهلاكية الأساسية وتحقيق الاكتفاء الذاتي للعائلات من هذه المواد.
وبحسب تأكيد عبد الباسط طرفاوي، تتبرع “الضيعة البيولوجية” لفائدة العائلة التونسية ب48 صنف من بذور الخضر علما وأن الأصناف، التّي تمّت زراعتها إلى حد الآن في الحدائق ال21 المنزلية هي من القرعيات والخضروات الورقية على غرار السلق والبقدونس والسبانخ والفجل والثوم والبصل والفلفل والطماطم والجزر واللفت والباذنجان والخيار و”الدلّاع”.
وبالإضافة إلى الأهميّة الاقتصاديّة والماليّة للمشروع، وفي ظل الصعوبات الراهنة، التّي يواجهها التونسي في حياته اليومية بسبب نقص الموّاد وتدهور قدرته المعيشية، يكتسي مشروع تثمين البذور الأصلية أهميّة رمزيّة كعنوان من عناوين “الحفاظ على جزء من الهويّة الوطنية” بحسب صاحب المبادرة، الذّي ثمّن قيمة بنك الجينات التونسي، الذي يعد “أوّل بنك للجينات في إفريقيا وسابع بنك جينات في العالم كمصدر عالمي للجينات في البذور وتركيز منظومة تصرف في الموارد الجينية”.
ودعا الطرفاوي إلى الاستفادة أكثر من 40 ألف صنف من بذور الخضروات والحبوب والزراعات المختلفة، التّي يطرحها هذا البنك للإكثار دون مقابل مادي، وهي تحتاج اليوم إلى جهد تحسيسي وإعلامي واتصالي حتى ينخرط الفلاحون في مسار الإكثار والاستغلال.
من جهة أخرى أكد طرفاوي أن الغاية من برنامج “الضيعة البيولوجية” هو تحقيق المصلحة العامة دون سواها.
كما تهدف المبادرة إلى الدفع نحو تغيير النص القانون المتعلّق بالبذور والشتلات والمستنبطات النباتية المؤرّخ في 10 ماي 1999. والجدير بالذكر أنّ الجمعيّة التونسيّة للفلاحة المستديمة تقدّمت باقتراح إطار قانوني للاعتراف رسميا بأنظمة البذور المحلية وأهميتها في الحفاظ على التنوع البيولوجي. وتمّ إيداع المقترح لدى رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة ووزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. وقد تم إعداد هذا المقترح من طرف التحالف الإفريقي للسيادة الغذائية “أفسا” بالشراكة مع الجمعية التونسية للزراعة المستدامة.
ويهدف مقترح القانون إلى “حماية أنظمة البذور الأصلية والاعتراف بها كأساس للفلاحة المستديمة والسيادة الغذائي” بحسب مضمون الرسالة الموجهة إلى مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة. والجدير بالذكر أنّ الجمعيّة التونسيّة للزراعة المستديمة، إلى جانب جمعيّات أخرى تعتبر أنّ “المنظومة القانونية الحالية تعترف فقط بنظام البذور التجارية حامية بذلك مصالح الشركات المنتجة للبذور التجارية والمدخلات الكيميائية التي تضاعفت أرباحها كلما زادت الشعوب تبعية ومرضا ومهمشة بذلك صغار الفلاحين وما لهم من قدرة لتوفير الغذاء والحلول الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الوطني والمحلي”، وفق نص الرسالة.
وات/ تحرير سامي كشو