المدرسة الإعدادية مصطفى السلامي تبادر برفع شعار: “لا للعنف لا للتنمّرـ نعم للحوار والتواصل”
تابعت في بداية هذا الأسبوع -على وسائل التواصل الاجتماعي- الفعالية الثقافية الاجتماعية النفسية التي نظمتها المدرسة الاعدادية مصطفى السلامي حول : “لا للعنف في الوسط المدرسي”، وفي عنوان ثانوي” معا من اجل التصدي للعنف وترسيخ ثقافة الحوار والتواصل”.
التظاهرة تعبّر عن قيم ثقافية، وتمثل منجزا حضاريا
ترسّخت بذهني من قبل تدوين هذه الورقة الحشد التلمذي الكبير الذي تابع مختلف فقرات البرنامج بساحة المدرسة، وحركة مختلف الفرق التلمذية الفردية والجمعية التي تتالت على الركح الذي أقيم بالمناسبة. حقيقة أجواء مفعمة بالتمثيل والموسيقى والطرب والشعر والصور التي تعبر أفضل من آلاف الكلمات كما تقول الحكمة الصينية. وعندما أردت توصيف هذا المشهد، قلت: هذه هي البيئة الثقافية المثمرة التي يتوجّب أن تعرفها المدرسة كل أسبوع وكل شهر وعلى مدار السنة. وهذا هو المشهد النموذج الذي يعطي القدوة للأجيال القادمة ولبقية المدارس والمعاهد؟
نشاط ثقافي متنوع، كسر لطوق العنف والتخفيف من منسوبه، بناء جسور التواصل مع الآخر، ترسيخ ثقافة الحوار والتواصل، وتدعيم قيم التسامح وفن الاستماع …..
الثقافة حصن أساسي
لقد قدمت المدرسة الإعدادية “مصطفى السلامي” طقسا احتفاليا، لم أحضره -لا في الزمان ولا في المكان- ولكن من خلال سلسلة من أشرطة الفيديو والصور الفوتغرافية … يبعث في النفس قوة ، وفي التلاميذ افتخار استثنائي إلى حد بعيد يعطي -لاشك- للمدرسة فخرها وكبرياءها أيضا، من خلال عروض مفعمة بقوة الرمزية والمُثل والإجلال والاحترام للتلميذ ذاته وللمربي وللسلك الإداري. وبطبيعة الحال المهم هنا، صون المؤسسة من التردّي في العنف والتنمّر فتلك مقدمة أساسية، ولكن مازال هناك جهد مضن لا يترسّخ إلا بعقيدة الاستمرارية. أنا أتصوّر، من دون أنشطة ثقافية من السهل أن يسيطر القلق على التلميذ، ويفقده بوصلة اتجاهه على المستويين الفردي والجمعي. وحيثما كان هناك تفكّك في القيم والسلوكيات، لا سبيل لوجود صحة نفسية واجتماعية وعلمية، لأن التراجع الثقافي يولد الفوضى. وعلينا أن نقدّر جَلال الوظائف والأدوار التي تؤديها الأوعية الثقافية : من مسرح وسينما ورياضة ونواد علمية وأدبية ومناقشات حول الكتب وقضايا الأسرة والمجتمع والعولمة وتقنيات التواصل وقصص النجاح…هذا النسيج هو الذي يمنح حياتنا شكلا ومعنى، وينفخ في التلاميذ روح محبّة الجمال والحق والعدل والتمييز بين الصواب والخطأ.
والحصيلة، أعتقد أن هذه الفعالية، التي ساندت في احدى فقراتها القضية الفلسطينية، كانت من أحلى المواعيد في حياة التلاميذ، وبالضرورة الإدارة والمربين. وأن ادارة المدرسة حفرت اسمها في ذاكرة الواعين بأخطار العنف المدرسي وتوابعه في المؤسسة التربوية، وبمقدار الخسارة التي يمكن أن تتكبدها إذا لم تفسح الطريق أمام وعي ثقافي نابض بالحياة، يستهدف مجتمع التلاميذ والأساتذة والأولياء باعتباره شاغلا مشتركا.
د.رضا القلال (كاتب صحفي ومؤرخ)