“مركز ولاية صفاقس سابقا” أحد أجمل الفضاءات المعمارية في المدينة بات مهددا بالسقوط
يُعدّ هذا الموقع أحد المعالم التاريخية البارزة، ومن أجمل الفضاءات المعمارية في مدينة صفاقس، إذ كان في السابق المركز الإداري لولاية صفاقس، ما يُضفي عليه رمزية خاصة في الذاكرة المؤسسية للجهة.
ورغم قيمته التاريخية والمكانية، يعيش اليوم هذا المعلم حالة متقدمة من التدهور، وهو مهدد فعليا بالسقوط، في ظل غياب أي تحرك رسمي جاد لحمايته أو ترميمه.
وما يزيد من مرارة هذا الواقع أن الموقع، الذي تملكه الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، لم يُؤخذ بعين الاعتبار ضمن أي رؤية لإعادة التأهيل أو التثمين. فهو مؤهل لأن يتحول إلى فضاء ثقافي وتاريخي حيوي، كأن يكون متحفاً للزياتين، خاصة بالنظر إلى موقعه الرمزي ووظيفته السابقة.
إن اختيار متحف للزياتين لا يأتي من فراغ، بل يستند إلى الأهمية الاقتصادية والتاريخية الكبرى لهذا القطاع في صفاقس، التي تُعدّ أكبر جهة منتجة للزيتون وزيت الزيتون في تونس، ولها تاريخ حافل في هذا النشاط الفلاحي المتميز. فمنذ قرون، شكّل الزيتون ركيزة أساسية لاقتصاد الجهة، وأسهم في بناء هوية صفاقس الفلاحية والصناعية، حيث أبدع أبناؤها في تطوير القطاع، من زراعة وتحويل وتصنيع وتصدير، ليصبح زيت الزيتون الصفاقسي علامة جودة معروفة عالمياً. وعليه، فإن تحويل هذا المعلم التاريخي إلى فضاء يروي مسيرة هذا القطاع الرائد، عبر مختلف مراحله، سيكون تثمينًا حقيقيًا لذاكرة صفاقس الاقتصادية والاجتماعية.
ورغم بعض المبادرات التي أُطلقت سنة 2020 للتنسيق بين السلطة الجهوية بصفاقس، والإدارة المركزية لشركة السكك الحديدية، وبلدية صفاقس، فإن تلك الجهود بقيت حبيسة النوايا، دون أن تُترجم إلى خطوات عملية تُنقذ هذا المعلم من مصيره المحتوم
جلال بوزيد. أستاذ جامعي وناشط في المجال السياسي والمدني.