صفاقس : سيدة تؤدي مناسك العمرة وتكتشف خطأ طبيا فادحا عمره نصف قرن
بعد أدائها لمناسك العمرة، وجدت السيدة وسيلة نفسها في وضع حرج للغاية، آلة التفتيش ـ السكانار ـ في مطار السعودية تدق باستمرار، والمعتمرة لا تحمل معها شيئا باستثناء أمتعتها العادية على ساق منتفخة!..
خضعت للتفتيش مرارا وتكرارا، ثم طلبوا منها أن تكشف عن ساقها اليسري.. الساق منتفخة بالكامل من أعلى فخذها إلى أخمص قدمها، وحتى نقرب الصورة نقول فقط أن وسيلة تلبس ولمدة 43 عاما حذاء مقاس 37 في الرجل اليمنى السليمة، و41 أو 42 في الرجل اليسرى المصابة.
بعد الكشف عنها، رق قلوب العاملين والعاملات بالمطار وساعدوها على العودة إلى وطنها تونس، ونصحوها قبل إقلاع الطائرة بضرورة الكشف عن رجلها اليسرى المنتفخة.
كانت الطائرة تحلق عاليا، وكانت ذاكرة السيدة وسيلة تغوص في الماضي، هي تعلم علم اليقين انه منذ 43 عاما سقطت عليها خزانة ببلورها، وقد تحولت إلى المستشفى الجهوي بصفاقس وقيل لها بعد رتق جرح غائر «انت لاباس».
عادت إلى بيتها لتهتم بشؤون زوج فارق الآن الحياة، و5 أبناء، كانت تتحرك كالعرجاء للقيام بشؤونهم، وبعد كل فترة تشعر بآلام حادة وانتفاخ في رجلها اليسرى يتسبب لها في نزيف لخليط من الدم والماء.. تتجه إلى المستشفى فيتم توجيهها إلى قسم القلب وهناك يعلمونها من جديد بعد بعض الحقن المسكنة للآلام «انها لاباس».
الحالة تتكرر معها باستمرار، وردَ الطبيب المختص في قسم القلب – والذي نتحفظ على ذكر إسمه – دائما هو هو .. «انت لاباس».. لتكتفي ببعض الحقن المسكنة وتنظيف للماء والدم السائل من ساقها لتعود إلى بيتها من جديد تحمل الخيبة والآلام على رجلين واحدة سليمة وأخرى مصابة.
كل هذه الأحداث تذكرتها السيدة وسيلة وهي في الطائرة، وعند استقبالها بمطار صفاقس أصرت على تحويلها إلى مختص في الأشعة للكشف عنها من جديد.. وتم ذلك لتكون المفاجأة الكبرى : قطع من البلور في رجلها عمرت هناك لمدة 43 عاما لتتعايش معها وسيلة قرابة نصف القرن بآلامها وأوجاعها التي حرمتها من النوم والتنقل بل وحتى ارتداء حذاء بنفس المقاس.
الآلام عمرها 43 عاما، والسيدة وسيلة تملك من الوثائق التي تعود إلى السبعينات من القرن الماضي تدين المستشفى والإطار الطبي وشبه الطبي على التقصير وعدم حرصهم حتى على تصويرها ولو لمرة واحدة بالأشعة، لكنها متسامحة ولا تطالب بجبر الضرر والتعويض، فقط تطالب بإجراء عملية على نفقة المستشفى أو وزارة الإشراف لتتخلص من آلام نصف قرن.. العملية قد تكون مكلفة، لكن مهما ارتفع سعرها لا يمكنها أن تعوض آلام نصف قرن.
المطلوب ان تعوض الدولة لهذه المسنة آلام نصف القرن بعملية جراحية حتى تنعم بما تبقى لها من العمر – أطال الله في أنفاسها – برجلين سليمتين تواجه بهما الشيخوخة المقبلة.. «الشروق» تحتفظ بالاسم الكامل للسيدة وسيلة وكل إمكانية الاتصال بها، وهي تنتظر تدخلا عاجلا وجديا من وزير الصحة في تونس الثورة ..تونس استرداد الحقوق الضائعة.
راشد شعور / الشروق
الصورة للتعبير فقط