ماذا في الندوة التونسية الليبية الثالثة للطاقات المتجددة والسكن الإجتماعي ؟
احتضنت مدينة الحمامات يومي السبت والأحد فعاليات الندوة التونسية الليبية الثالثة للطاقات المتجددة والسكن الاجتماعي التي نظمتها عمادة المهندسين التونسيين وهيئة المهندسين المعماريين التونسيين بالإشتراك مع النقابة العامة للمهن الهندسية الليبية . وهذه الندوة هي الثالثة من نوعها بعد ندوتي طبرق وتطاوين . وقد شهدت حضورا مكثفا حيث كان عدد المهندسين والمهندسات الليبيين يفوق التسعين إضافة إلى عدد كبير من المهندسين والمهندسات التونسيين الذين جاؤوا من مختلف جهات البلاد . وحضر الندوة أيضا خبراء دوليون نذكر منهم اللبناني سعد البرادعي والإيطالي أنطونيو ريفارسو و اليوناني نيكو سفنتيكاكيس وكذلك ممثلون عن الشركات و المكاتب الاستشارية والمكاتب المعمارية بكل من تونس وليبيا.
السكن الإجتماعي والحلول
أكّد السيد أيمن زريبة رئيس مجلس هيئة المهندسين المعماريين بتونس في كلمته الموجزة التي افتتح بها الندوة أن البناء في تونس يعدّ ثالث مستهلك للطاقة وهو مرشّح لأن يصبح في المرتبة الأولى إذا لم نتوصّل إلى الحلول الملائمة للضغط على الطاقة . وقال إن السكن الإجتماعي على سبيل المثال يمكن أن يصبح الحلّ أو أحد الحلول التي تمكّن من الضغط على تكاليف الطاقة . وأشار إلى أن التعاون التونسي الليبي في مجالات الطاقات المتجددة والسكن الإجتماعي سيصبح ممكنا أكثر خاصة أن الظروف السياسية في البلدين تسير نحو التحسن والإستقرار.
مشاريع مشتركة وآفاق واعدة
أما السيد أسامة الخريجي عميد المهندسين التونسيين فقد نوّه بالحضور المكثّف للمهندسين والخبراء وخاصة من الشقيقة ليبيا وبيّن أن مثل هذه الندوات تدخل في إطار تطوير العلاقات بين البلدين من أجل تأسيس مستقبل أفضل للشعبين وأن موضوع الندوة مهم جدا في حد ذاته . وأوضح الخريجي أن الجميع يعمل في عمادة المهندسين التونسيين على تطوير العلاقات مع كافة الهيئات الهندسية في ليبيا في مرحلة أولى ومع كافة الهيئات في المغرب العربي في مرحلة ثانية . وأبرز العميد أن كميات البترول المنتجة في بلادنا مثلا لا يغطّي سوى 59 بالمائة من حاجات تونس ومن هنا تأتي قيمة الطاقات المتجددة التي من شأنها أن تحدّ من العجز الطاقي خاصة إذا ما تم ترشيد الإستهلاك وتطوير استغلال الطاقات المتجددة سواء من قبل الخواص أو من قبل الدولة الانارة العمومية على سبيل المثال . وأكّد الخريجي أن العمادة تعمل بالإشتراك مع الهيئات الأخرى على إنشاء مشاريع مشتركة لإنتاج الطاقات المتجددة خاصة بالجنوب التونسي وأن المهندسين هم القادرون على ذلك باعتبار أنهم قاطرة النموّ في البلدين.
أهمية البحث العلمي
وفي كلمته الأولى الموجزة قال السيد إسماعيل الجرو رئيس النقابة العامة للمهن الهندسية في ليبيا إن لجانا عديدة قامت بأعمال كثيرة من أجل الوصول إلى إنجاز هذه الندوة إضافة إلى وسائل الإعلام التي اهتمت بها بصفة جليّة . كما أبرز النقيب اهتمام الباحثين المختصّين في العالم بهذا الحدث بما للبحث العلمي من إسهام في تقدّم الشعوب ونموّها مؤكدا أن مشاريع إعادة اعمار ليبيا لابد أن يقع خلالا التعويل على الكفاءات التونسية والتفكير في جدوى الطاقات المتجددة.
اهتمام عالمي بالطاقات المتجددة
وبيّن المهندس أمين التركي الأمين العام للاتحاد الإفريقي للمهندسين المعماريين والأمين العام للاتحاد التونسي للمهن الحرة وعضو فريق العمل ( ARES) للاتحاد العالمي للمعماريين أن الاتحاد العالمي للمهندسين أعدّ الكثير من البرامج الهندسية والمعمارية للطاقات المتجددة وأنه سيتم تنفيذ هذه البرامج في القارات الخمس . وأكّد أن هذه الندوة مهمّة جدا باعتبار أنها تخصّ بلدين جارين لهما دور مهم وموقع أهم في حوض البحر المتوسط ويتمتع البلدان بجملة من العوامل الطبيعية المهمة في إنتاج الطاقات المتجددة على غرار الرياح والرمال والشمس والتربة وهي عوامل توفّر إمكانيات إنتاج ضخمة يمكن استغلالها خاصة في مجال السكن الإجتماعي.
منذ آلاف السنين
ومن جهته قدّم الخبير الدولي اليوناني ” نيكوس سفينتيكاكيس ” عرضا مطوّلا يتضمن صورا يعود بعضها إلى مئات السنين وتبرز تطوّر السكن الإجتماعي في المكسيك وفرنسا واليونان وسنغفورة . وذكّر في عرضه ما كان يوليه المعماريون قديما من عناية للأركان الخمسة التي ذكرها الفيلسوفان أرسطو وأفلاطون في البنايات القديمة وهي الشمس والنار والرياح والمياه والأرض أو التربة وأبرز الخبير أنه لا يوجد نمط عالمي معيّن للبناءات التي تستعمل الطاقة المتجددة لأن لكل مكان خصوصياته وأن الدول الفقيرة هي الضحية وهي من يدفع ثمن التغيرات المناخية وقال الخبير إنه علينا أن نفكّر بصفة محلّية في ما يخص البناءات المستعملة للطاقة المتجددة لأن ما يصلح لهذا البلد ليس بالضرورة صالحا لبلد آخر.
بين جمال الهندسة والسعادة الإنسانية
أما الخبير الدولي الإيطالي ” أنطونيو ريفارسو ” نائب رئيس الاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين سابقا فقد قدّم عرضا لتطوّر البناءات يحتوي على سبيل المثال صورة لمدينة روما قبل 2000 عام وصورة لها تعود إلى سنة 1909 وصورة لروما اليوم وأكّد أن هذه المدينة التاريخية الأوروبية تضاعف عدد سكانها 10 مرات خلال 100 عام تقريبا وتضاعف فيها كل شيء كالضجيج والتلوّث واستعمال الطاقة وغير ذلك مما أصبحت الحياة العصرية تقتضيه . وتساءل الخبير الدولي هل يمكن أن نخلق هندسة معمارية جميلة وأن نخلق السعادة الإنسانية في الوقت ذاته باعتبار أن الهندسة المعمارية لا معنى لها إذا لم توفّر السعادة للإنسان . وأكّد أيضا أنه لا يمكنم استعمال الهندسة المعمارية بنفس الشكل في بلدان مختلفة من العالم باعتبار الفوارق والخصوصيات والإختلافات في الثقافات والمناخات.
التطور العلمي والقانوني
وفي المداخلة التي قدّمها بيّن الخبير الدولي اللبناني سعد البرادعي أهميّة التطوّر العلمي والقانوني الذي شهدته ألمانيا (التي يعمل بها ) في مجال الطاقة بالخصوص . وبيّن أن ألمانيا اعتمدت منذ حوالي 40 عاما قانون طاقة استراتيجيا غيّر البلاد تماما ( 3 ملايين شخص يعملون في مجال الطاقة في ألمانيا ) . وأبرز أن الطاقة جزء مهم من البناية وأن الدولة في ألمانيا تحدد المواصفات التقنية التي تضمن حسن استخدام الطاقة في كل ما يتعلّق بالأسقف والحيطان وغيرهما . وهي التي تحدد أيضا المواد المستخدمة في البناء وحتى ألوانها باعتبار ما للألوان من تأثير على استعمال الطاقة وباعتبار ضرورة استعمال المواد الأقل استهلاكا للطاقة وتضمن الراحة للإنسان.
بعيدا عن البناء والمعمار
أكّد الدكتور خالد المعلول ددش رئيس جمعية طاقية ليبية أن تقنيات الطاقة الشمسية تساعد كثيرا المجتمعات والشعوب من الناحية الاقتصادية وتحسين مستوى العيش . وقال الدكتور إنه بعيدا عن البناء والمعمار يجب أن نشرح التقنيات المتعددة للطاقة الشمسية وإمكانيات استخدامها في البناءات وهو الهدف الأساسي في الاستخدام . وقال الدكتور إن تونس وليبيا والعديد من الدول تتوفّر فيها الطاقة الشمسية بشكل كبير وكاف ولذلك يتحتم علينا استغلال هذه الطاقة لتطوير الحياة والتقليص من التكاليف