شكري يعيش : آلاف المليارات في حوزة المهربين والحكومة تتجه لتفقير الطبقة الوسطى
اعتبر النائب المؤسس وعضو المكتب السياسي لحركة مشروع تونس شكري يعيش أن القراءة الأولية لمشروع ميزانية 2017 تكشف علنا عن رغبة الحكومة في الانقضاض على الطبقة الوسطى ونهش ما تبقى فيها صالحا للنهش بعد خمس سنوات من التهاب الأسعار وصعوبة العيش.
واستغرب من تحويل المواطن إلى هدف أو مورد رئيسي للحكومة لتنقذ الاقتصاد بمزيد عصره والتضييق عليه، والحال أن الطبقة الوسطى التي تمثل 70 بالمائة من الشعب التونسي لم تعد قادرة على تحمل ما يرهقها ماديا رغم أنها تقوم بواجبها الضريبي ،وعادة ما تضم هذه الطبقة من المجتمع كل مواطن يتراوح دخله بين 5 و35 ألف دينار في السنة من الموظف العادي إلى الإطار. في حين أن الطبقة المرفهة ماديا ويفوق دخلها السنوي 50 ألف دينار لا تقوم بواجبها الجبائي بالكامل خاصة في عدة قطاعات على سبيل المثال الطب الخاص والمحاماة والخبراء المحاسبين؛ كما أن هناك قطاعات أخرى تشمل أكثر من 400 ألف تونسي تدخل في إطار الجباية التقديرية وتمثل المهن الحرة الصغرى وأصحابها يدفعون للجباية منذ الستينات إلى اليوم 50 دينارا فقط في السنة.
18 ألف مليار من الضرائب في يد أباطرة التهريب:
من جهة أخرى نجد أباطرة التهريب يسيطرون على أكثر من 53 بالمائة من اقتصاد البلاد وهم خارج الأداء الضريبي رغم أن أكثر من 18 ألف مليار في يد المهربين، أي ما يفوق الأموال التي تسددها الدولة للوظيفة العمومية وتقدر ب15 ألف مليار. وقال النائب المؤسس إن أباطرة التهريب أي الرؤوس يعدون بالعشرات ،في حدود 70 رأسا، لو يتولون دفع ما عليهم مثل بقية القطاعات يمكنهم إدخال ثلث ميزانية الدولة للخزينة أي حوالي 9 آلاف مليار وذلك كفيل بإنجاز مشاريع تنموية.
لكن المتهربون تتغاضى عنهم الدولة وتضغط جبائيا على المواطن من حلول ترقيعية غير مجدية، وفي نفس الوقت تضغط على المؤسسات الصغرى والمتوسطة ،مما يفرض عليها ضغوطات مالية تحد من قدرتها التنافسية وتعجزها عن الإنتاج ،بل تؤدي بها في نهاية الأمر إلى تسريح العمال لعجزها عن سداد الأجور.
مقترحات بديلة
و أورد في هذا الإطار جملة من المقترحات يمكن أن تعمل بها الدولة بدل استهدافها المواطن والتضييق عليه بعدما أصبح عاجزا عن سداد مستلزماته الحياتية الضرورية:
- بدل المطالبة بالزيادة في الأجور يمكن للدولة أن تخفف من العبء الجبائي للموظف وتخفف الاقتطاع من “الشهرية” ، وبالتالي تتحسن القدرة الشرائية و معيشه اليومي ، و تتحسن إنتاجيته في العمل . وينعكس ذلك إيجابيا على الدورة الاقتصادية
- فرض عدالة جبائية على المتهربين تشمل كل القطاعات الحرة سواء منها المهن أو الشركات الكبرى بحيث يدفع الجميع ولا أحد فوق القانون
- عدم الضغط الجبائي على المؤسسات الصغرى والمتوسطة بل العمل على تشجيعها ومساعدتها على الاستمرار من خلال تسهيلات ضريبية تمكنها من اكتساب قدرتها التنافسية والتصدير و هو ما سينعكس على قيمة الدينار مقارنة بالأورو والدولار
- فرض القانون بصرامة على الاقتصاد الموازي وإيجاد صيغة بالتعاون مع الخبراء في الاقتصاد والجباية تخول لهؤلاء الاندماج في الحلقة الاقتصادية ودفع ما عليهم من ضرائب
- العمل على تدارك أهم أسباب فشل المنظومة الجبائية في تونس وتتمثل في نقص عدد أعوان المراقبة الجبائية ويعرقل ذلك تغطية الشركات ومراقبة كل القطاعات في كامل البلاد،. إذ رغم عدم قدرة الدولة على الانتداب في الوظيفة العمومية هناك قطاع هام كالمالية والجباية يستوجب انتدابات استثنائية مكثفة لتغطية نقص المراقبة وتأمين أموال الدولة من التهرّب؛
- سن قانون للجباية المحلية ، إذ يحتوي الدستور الجديد على باب كامل حول اللامركزية يخول للجماعة المحلية من بلديات و مجالس جهوية الاستقلالية المالية واستقلالية القرار للقيام بمشاريع تنموية في الجهات دون الرجوع إلى السلطة المركزية. و بما أن بلادنا مقبلة على انتخابات بلدية من الضروري التفكير في هذا القانون. وبالتالي تتحسن الموارد المالية في الجهات وينعكس ذلك على بنيتها التحتية لجعلها مشجعة على الاستثمار في الجهات.
جريدة الأنوار التونسية / إعداد الملف وحيدة الماي