مزج بين آلات تقليدية وأخرى عصرية : عرض “المدحة” يفتتح مهرجان صفاقس الدولي
فاحت رائحة البخور بركح المسرح الصيفي بسيدي منصور، في أولى سهرات مهرجان صفاقس الدولي، أين ترددت دقات الدفوف وأصداء البندير وتماوجت الأعلام الضخمة وهي تردد في أجواء روحانية دافئة، أغاني صوفية جاءت في حلة مميزة ضمن عرض «المدحة»أو « حضرة رجال القيروان والساحل » الذي واكبه جمهور متوسط العدد غير أنه تميز بأجواء منعشة جسمت مدى تعطش الجماهير للأجواء الثقافية والفنية وتفاعلها مع عروض الحضرة والإنشاد الديني ومدح الرسول كما عكست مدى نجاح القائمين على العرض في تقديم هذا الصنف من التراث الموسيقي التونسي الأصيل وإيصاله للجماهير.
وقدم عرض «المدحة» مزجاً ناجحاً بين آلات تقليدية مثل الناي والدف والبندير، وأخرى عصرية على غرار القيثار الإلكتروني والكمان والآلات الإيقاعية الحديثة، ليجمع بين الفن الصوفي الضارب في القدم وموسيقى أوركسترا الأوبرا. وأثثت لوحات كوريغرافية استعراضية ردهات هذا العرض وذلك من خلال حركات راقصة لم يغب عنها العنصر النسائي وتفاعل الجمهور معها بالرقص، وبالغناء والتفاعل الإيجابي.
وعرض «المدحة» عمل فني «فرجوي» ضم أكثر من أربعين عنصراً تتراوح أعمارهم بين 17 سنة و70 سنة، بين منشدين ومطربين وراقصين، وقدموا عرضاً تراثيّاً مميزاً ووصلات من الإنشاد الصوفي بتوزيع موسيقي ملائم لمحتوى العرض.
وعرف الامتاع والتفاعل ذروتهما مع أغاني « سيدي بولبابة » و »بابا جلول سيدي عبد القادر » و »سيدي بوراوي » و »سيدي عامر » و »أم الزين الجمالية » وغيرها من الأغاني التي أعادت إنتاج عناصر من التراث الموسيقي الصوفي التونسي برؤية فنية حديثة أبدع في أدائها منشدون متمرسون على غرار الفنان نور الدين الباجي ومعز زيتون وأحمد زيتون وكريم بوقرة وساسي بولعواد وغيرهم، وتخلل العرض عمل جديد تحت عنوان «يا رجال صبرة».