سيدي بوزيد : أصيل صفاقس يستثمر في “المزونة” ويحولها أرضا خصبة منتجة للأسماك
لا أحد من أهالي منطقة “البوع” من معتمدية المزونة كان يتصور انه في يوم من الأيام يمكن لهذه الأرض القاحلة التي يغلب عليها المناخ الجاف ان تنتج الأسماك بل بدا الامر ابعد من الخيال هكذا كانت ردة فعل عدد من المواطنين عندما سئلوا عن رأيهم في مشروع تربية الأسماك الذي انطلق مند أشهر بالقرب من منهم.
وحده المكي بن حمد اصيل ولاية صفاقس (42 سنة) كان يدرك انه يمكن له النجاح ربما بحكم خبرته وعمله السابق كربان سفينة ودرايته بطلبات السوق التونسية والخارجية من الأسماك فضلا عن معرفته بالنوع المطلوب والذي يمكن له ان يسهل نجاحه.
يقول المكي “كنت في البداية واثقا من النجاح لكني لم أكن اعرف انني سأواجه مثل تلك الصعوبات التي اعترضتني وخاصة التعقيدات الإدارية وغياب الدعم المادي وذلك عكس كا يقع ترويجه في كل مناسبة من اجراءات لتشجيع المستثمرين والشبان على الانتصاب للحساب الخاص فقد كنت أتصور ان مشروعي لن يكلفني الا بعض الملايين لكن الطلبات كانت مرتفعة وكنت مجبرا كل يوم ومع بداية كل مرحلة جديدة من المشروع على توفير اضعاف الكلفة التي تم تحديدها في البداية لكنني تمكنت بفضل مساعدة العائلة والعديد من الأصدقاء من تجاوز كل المشاكل المالية ليبقى الاشكال الأكبر التعقيدات الإدارية التي لم تنته الى حدود اليوم بالرغم من شروعي في جني ثمار مشروعي”.
وحول المشروع الذي انطلق فعليا في الإنتاج الشهر الماضي ويستوعب 6 من اليد العاملة القارة وحوالي 30 موطن شغل موسمي يقول المكي انه يتمثل في تربية الاحياء المائية وتحديدا سمك البلطي ” tilabia “او سمك المشط وهو نوع من الأسماك كثير التداول في العالم عمره أكثر من 3 الاف سنة وموجود بكثرة في مصر وله العديد من الفوائد الصحية من ذلك احتوائه على نسبة منخفضة من الدهون والكولسترول وارتفاع البروتينات به مقارنة بأغلبية الأنواع الأخرى من الاسماك.
واكد انه سيقوم في الأيام القليلة القادمة بتطوير مشروعه ليشمل تربية أنواع أخرى من الأسماك على غرار “البوري” وجراد البحر”الكروفات” لتوزيعها بالمناطق الداخلية خاصة بعد ان قام باقتناء جزء من الأراضي المجاورة والتي كانت أيضا مهملة.
ومن المنتظر ان ينتج في السنة حوالي 400 طن سيقوم بترويجها في تونس بحكم ثمنها المناسب للمقدرة الشرائية للمواطن العادي مقارنة بأسعار بقية الأنواع الأخرى من الأسماك حيث يتراوح سعر الكيلغرام الواحد بين 10 و12 دينارا .
كما أكد انه سيصدر باقي المنتوج الى عدد من الدول الخليجية بحكم ميلهم ومعرفتهم بهذا النوع واستعدادهم لاقتناء كميات هامه منه.
وحول اختيار مثل هذه المنطقة النائية لبعث هذا النوع من المشاريع الذي دأب المستثمرون على ان تكون بالقرب من السواحل بين المكي ان الفكرة بالرغم من تضمنها لعدد من المصاريف الإضافية على غرار الكلفة الباهضة للكهرباء وتهيئة نوعية معينة من المياه لتربية الأسماك الا انه أراد تثمين ماء السمك في غراسات الزيتون بعد ان أصبح ذلك الماء ثريا بالأزوت والعديد من المواد العضوية الاخرى.
وأشار الى ان رهانه خلال المرحلة القادمة يتمثل بالأساس في انهاء البنية التحتية لمختلف مكونات المشروع وخاصة الاحواض الجديدة لسمك البوري وجراد البحر وإدخال هذه الأنواع ضمن العادات الغذائية للمواطن العادي داعيا في الان نفسه السلطات المعنية الى المساهمة في تهيئة الطريق الرابطة بين المشروع والطريق المعبدة المؤدية الى معتمدية المزونة خاصة وأنها بحالة سيئة كما ان المشروع سيشهد في المراحل القادمة حركية على مستوى السيارات والشاحنات التي ستقوم بنقل الأسماك الى حرفائه.
وعبر لسعد أحد الشباب العاملين بالمشروع وهو أيضا أصيل المنطقة عن فرحته بهذه الإضافة الأولى من نوعها في قريته مؤكدا انها تعد فرصة له ولشباب الجهة للعمل والاستقرار عوضا عن البطالة او الهجرة الى الولايات المجاورة والتغرب في سبيل توفير لقمة العيش.
وأشار الى وجود الكثير من اقاربه الراغبين في العمل معه وانجاح المشروع لضمان تواصله وديمومته داعيا السلط المعنية الى تشجيع الاستثمار بالمنطقة وتذليل الصعوبات امام المستثمرين بالجهات الداخلية.
اما عدلان المجدوب موزع اسماك فقد أكد ان نجاح هذا المشروع مضمون مائة بالمائة نظرا لافتقار الأسواق التونسية الى مثل هذا النوع من الأسماك وسعره الذي يعتبر في المتناول مقارنة مع خصائصه الغذائية والصحية الهامة.
وقال ان النزل والمستشفيات وأيضا العديد من المؤسسات العمومية الأخرى على غرار السجون والمطاعم الجامعية تعد من ابرز حرفاء المنتوج مشيرا الى ان وزن سمك البلطي الصغير يترواح بين 150 و200 غرام والمتوسط بين 350 و400 غرام ويمكن ان يصل في حالات الى 3 كيلوغرامات.
ومن جهته نوه محمد الزواري المدير الجهوي لوكالة الاستثمارات الفلاحية بسيدي بوزيد بشجاعة باعث المشروع الذي يعد الأول من نوعه بالولاية وهو تربية الأسماك في الاحواض المائية وبالمياه العذبة وعتبر انه مشروعا مجددا يمكن النسج على منواله لما له من ميزات اقتصادية أهمها تحريك الاقتصاد واضفاء حركية على المنطقة في ميدان جديد.
واكد ان المكي بن حمد أحسن استغلال الموارد الموجودة بالجهة وخاصة الأرض والماء وحقق عنصر الاندماجية بين ملوحة المياه ونوعية التربة التي كانت غير ملائمة لأي مشروع فلاحي اخر ليستفيد منها في تربية الأسماك في مرحلة أولى ثم غراسة أشجار الزيتون وسقيها في مرحلة ثانية وتربية الابقار في مرحلة موالية.
واعترف الزواري بوجود ضعف في التنسيق بين الإدارات وهياكل التمويل مما أثر في نسق بعث المشاريع والاستثمار للحساب الخاص وخلق بعض الإشكاليات للباعثين الجدد مشيرا الى انها لن تحول دون بعث مشاريع مماثلة بالجهة خاصة مع وجود العديد من المطالب في الغرض حيث يقوم 5 شبان في الوقت الحاضر بتربصات مهنية بالمركز الفني لتربية الاحياء المائية بتونس بهدف تكوينهم في هذا الميدان.
شوقي الغانمي / مكتب وات / سيدي بوزيد