من المسلمات التاريخية الخاطئة ربط صفاقس باسم الملك الأمازيغي سيفاكس.. فلاعلاقة لصفاقس بسيفاكس وهذه الدلائل على ذلك
كثيرا ما يرتبط اسم صفاقس باسم الملك الأمازيغي سيفاكس Syphax وذلك للتشابه الكبير بين الاسمين ويرى البعض أنهما اسم واحد أي أن صفاقس سميت باسم الملك سيفاكس. وهو كما سنبينه من الأخطاء الشائعة التي يتبناها عدد كبير من الناس حتى أصبحت من المسلمات. وكم نجد في صفاقس من المنشئات التي يطلق عليها اسم سيفاكس بشكل يلفت الانتباه. وهو ما يدعنا لطرح هذا التساؤل حول هذه العلاقة ولتصحيح المسلمات الخاطئة حول تاريخ صفاقس.
مدينة صفاقس ضاربة في التاريخ وهي من المدن التطورية أي أنها امتداد لمدن قديمة تشاركت فيما بينها الموقع الجغرافي. تبرز الاكتشافات الأثرية أن لصفاقس جذورا تعود للفترة القرطاجية. إلا أن اسمها “صفاقس” حديث مقارنة بالمدينة في حد ذاتها وقد لاحظنا أن كتابتها بهاته الطريقة تعود للقرن 14 ميلادي. أما أقدم المصادر العربية المؤرخة في القرن 9 ميلادي كانت تذكر المدينة باسم “اسفاقس” Asfaqes. وهو كما نرى مختلف عن سيفاكس رغم أن كلا الكلمتين من أصل بربري.
صفاقس في الفترة القرطاجية كانت تسمى تفرورة Taphrura ثم حرفت لتبرورة Taparura في الفترة الرومانية وتواصل هذا التحريف لغاية القرن الخامس ميلادي. ثم اختفت الأسماء القديمة ليبرز اسم اسفاقس في القرن التاسع ونرجح أن هذه التسمية ولدت في قبيل الفتوحات الإسلامية أي في القرن السابع تزامنا مع استقرار قبائل بربرية رحالة على سواحل تونس (الهجرات البربرية الكبرى في الفترة البيزنطية). وهذه الفترة اتسمت بتغير أسماء المدن التونسية القديمة إلى أسماء بربرية على غرار سوسة والجم وجربة الخ.. و اسم اسفاقس يعني بالامازيغية “الحارسة” أو “القائم بالحراسة”.
أما سيفاكس الذي حكم مملكة مازيسيليا أي نوميديا الغربية أواخر القرن الثالث قبل الميلاد. ودخل في صراع مع مملكة ماسينيسا (نوميديا الشرقية) ومع الرومان بعد أن تحالف مع القرطاجيين لغاية وفاته سنة 202 ق م. ولم تذكر المصادر أن منطقة صفاقس (تفرورة) كانت يوما تحت حكمه وهي التي لم تخرج من سيطرة الدولة القرطاجية ثم مباشرة تحت حكم الرومان منذ 146 ق م.ثم أنه لا توجد في منطقة حكمه أي في الجزائر الغربية مدينة واحدة سميت باسمه فكيف لصفاقس أن تكون كذلك وهي لم تخضع يوما لسلطته. ثم أن المسافة الزمنية شاسعة بين تاريخ وفاة سيفاكس أواخر القرن 3 ق م و نشأة اسم اسفاقس في القرن السادس أو السابع ميلادي. علاوة على ذلك فالبربر الرحل الذين استقروا في صفاقس في القرن السادس والسابع قدموا من الصحراء الليبية (البربر الجمالة) وهم من قبائل لواتة وزناتة ولم يأتوا من نوميديا.
يمكن أن نستخلص من هذه العوائق التاريخية و الجغرافية أن لا علاقة بسيفاكس بصفاقس بل لا تتعدى العلاقة سوى تشابه في الأسماء. هذا التشابه لا يشمل سيفاكس فقط، ففي الأمازيغية نجد كذلك اسم سفاقيس أي التحزيم ونبتة اسفاقس وهي القصعية وكذلك سوفاقس وهو بطل اسطوري…
____________________________________________________________________________________________________
د.وليد العش. موقع تاريخ صفاقس.
كتاب تاريخ صفاقس القديم : من تفرورة القرطاجية إلى اسفاقس الاغلبية. وليد العش ووجدي الرخيص. بتصرف.