البنك المركزي يعلن توقف النمو : ما هي البدائل لإنعاش الاقتصاد الوطني؟
اعلن البنك المركزي نهاية شهر اوت دخول الاقتصاد الوطني تقنيا مرحلة الانكماش اي توقف النمو الاقتصادي وذلك بالاستناد الى الحصيلة السيئة لمختلف المؤشرات الاقتصادية المسجلة خلال الثلاثي الثاني للسنة الجارية.
تشير مذكرة صادرة عن البنك المركزي ان الناتج المحلي الاجمالي سجّل خلال الثلاثي الثاني للسنة الجارية تراجعا بنسبة 0.7 ٪. وفسّر تباطؤ نمو الناتج المحلي الاجمالي والذي كان في حدود 2 ٪ خلال نفس الثلاثية من العام الماضي بتقلص القيمة المضافة في القطاع الصناعي خاصة منها المعملية والتي تراجعت بـ1.7 ٪.
قطاعيا اشارت مذكرة البنك المركزي الى تقلص في المؤشر العام للإنتاج الصناعي بلغ 1.4 ٪ وذلك بسبب تراجع الانتاج في الصناعات المعملية. واشارت المذكرة الى تراجع صادرات النسيج والملابس والجلود والاحذية بنسبة بلغت 16.4 ٪ وتراجع صادرات الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 0.9٪.
وفي قطاع الخدمات سجّلت السياحة تدهورا حادا بنسبة ناهزت 76 ٪ مقارنة بموسم 2013 وبلغت نسبة تراجع عدد السيّاح الاوروبيين 72 ٪ خاصة منهم البريطانيين والإيطاليين والفرنسيين والالمان.
وبالتوازي تراجعت المداخيل السياحية بالعملة الاجنبيّة بحوالي 59 ٪ وشهد النقل الجوي تقلصا في حركة المسافرين بنسبة 32٪
في المقابل سجلت تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر ارتفاعا بنسبة 20.9 ٪ وفقا لمذكرة البنك المركزي. هذه الزيادة شملت جميع القطاعات خاصة منها قطاعي الطاقة (48.7٪) والصناعات المعملية (12.3٪).
كما تزايدت وفقا للمذكرة المقابيض بعنوان استثمارات المحفظة لتبلغ 248 مليون دينار وذلك بسبب زيادة اقتناء الأسهم من طرف غير المقيمين في بورصة الاوراق المالية بتونس. كما اعلن البنك المركزي ان مستوى الموجودات الصافية من العملة الاجنبيّة ارتفع ليبلغ 13.360 مليون دينار اي 116 يوم توريد في نهاية جويلية 2015 مقابل 112 يوم توريد نهاية 2014.
السؤال الذي يتوجّب طرحه هو ما هي البدائل التي أعدها البنك المركزي للتعامل مع مرحلة الانكماش الاقتصادي او ماهي البدائل التي يتوجّب على الحكومة اتخاذها لانعاش الاقتصاد. فالانكماش الاقتصادي يعرفه خبراء الاقتصاد على انه مرحلة صعبة والخروج منها يرتبط بمدى قدرة اقتصاديات الدول على تجاوزها فهل اقتصادنا قادر على تجاوز هذه المرحلة ؟ وأي دور للدولة للحد من هذا الانكماش فالنظريات الاقتصادية تشير في الغالب الى دور الدولة في وضع اقتصادها في مرحلة انكماش لفترة محددة ووجيزة وفقا لاستراتيجيات محددة ؟
في قراءة لما ورد في مذكرة البنك المركزي اشار خبراء الى ان المرحلة التي وصل اليها الاقتصاد الوطني كانت متوقعة بسبب تداعيات الاحداث السياسية منذ 2011؛ إذ كان من المتوقع بلوغ هذه المرحلة وبالتالي يتوجّب على الحكومة ان يكون لديها بدائل لإنعاش الإقتصاد الوطني وذلك للحد من تداعيات توقف النمو وخاصة للحد من مرحلة الانكماش الاقتصادي فالخطورة تكمن في مدى طول هذه الفترة. ومن بين تداعيات توقف النمو تزايد التضخم المالي ومزيد تراجع الصادرات مقابل زيادة في الواردات الامر الذي قد يدفع الى المزيد من التداين الخارجي.
من جهته قال استاذ الاقتصاد بجامعة المهدية معز العبيدي لـ«الشروق» إن مرحلة الانكماش تتطلب اجراءات على جميع المستويات من ذلك تحسين الوضع الامني مؤكدا ان ما نعيشه اليوم من تداعيات اقتصادية هو نتاج لارتدادات الوضع الامني الهش. كما اشار الى عدم وضوح مناخ الاستثمار «ويمكن التدليل على تراجع الاستثمار بتراجع توريد مواد التجهيزات فانخفاض استيراد الآلات ومواد التجهيز يعني بالضرورة غياب حركيّة الاستثمار» على حد قوله.
واكد معز العبيدي لـ«الشروق» ان المرحلة تحتاج الى جرأة في القصبة في معالجة الملفات المطروحة من ذلك القيام بالاصلاحات العاجلة للمالية العمومية وتقديم مؤشرات جيدة على القيام بإصلاحات كبرى. كما تحتاج المرحلة وفقا للعبيدي الى الحد من المطلبية مراعاة للتوازنات المالية وكذلك محافظة على استقرار الوضع السياسي فالمناخ العام وخاصة تراجع سعر برميل النفط يسمح بإنعاش الاقتصاد.
جريدة الشروق